الانتحار .. موضة أم نتيجة
كتبت :مني النجار
” لما أنتحر أهلي ميستلموش جثتي” هكذا بدأ شاب بالمنصورة لايف علي فيس بوك معلنا نيته الانتحار مؤكدا أن أهله هم من أوصلوه إلي هذا المطاف وأنه لن يسامحهم.
هذا وخلال حديثه وصف ماتعرضه من سوء معامله وضغوط نفسية يفوق احتماله بعد ذلك وأن الموت راحة بالنسبة له.
ولولا العناية الإلهية وأصدقاؤه لكان في عداد الأموات الآن.
وأيضا حالات الانتحار المنتشرة في مجتمعنا بين الشباب والمراهقين في الثانوية العامة أثر إخفاقهم في الحصول علي مجموع مرتفع او فشلهم اي ناحية من نواحي الحياة.
كلها مؤشرات وناقوس خطر هل الانتحار نتيجة أم موضة يفكر بها الشباب لجذب الانتباه والحصول علي الاهتمام المفقود أو للهروب من مشاكلهم وعدم تحملهم المسؤولية ومواجهة تحديات الحياة المختلفة .
فمعاناة الشباب والمراهقين في التكيف أسرهم أو في مواجهة الضغط النفسي في المجتمع المحيط بهم ، وتعرضهم للرفض والفشل والصعوبات واضطراب العلاقات الاجتماعية والأسرية وكذلك عدم إدراكهم لقدرتهم علي تغيير حياتهم للأفضل وأن الانتحار ماهو إلا هروب لمشكلة مؤقته وليس حلا لها وبعد أيضا مؤشر اجتماعي خطير .
وقد تكون أسباب الانتحار
بسبب الإصابة باضطراب نفسي مثل الاكتئاب أو اضطراب ثنائي القطب ،
أو وجود تاريخ مرضي من السلوك الانتحاري في العائلة،أو التعرض للعنف والتنمر من أصدقائه أو زملائه أو المقربين منه، أو وجود نزاع مع العائلة أو الأصدقاء أو فقدان أحد الوالدين، أو تعرض الشخص لتجربة صادمة وعنيفة أو فشل أو إخفاق في حياته المهنية أو الاجتماعية أو العاطفية أو الدراسية .
فأثر العلاقات الاجتماعية قوي فهي تعطي الفرد الشعور بالسعادة والراحة والعيش بصحة نفسية جيدة علي المدي الطويل في بيئة سعيدة وتبعد عن الفرد خطر الوحدة والقلق والاكتئاب والعزلة المؤدي بدوره للانتحار.
وأيضا تعزز من إنتاجية الفرد وتقلل من النزاعات وتجعل المجتمع أكثر ترابطا وتوافقا مما يشكل فوائد كبيرة علي جميع المستويات النفسية والاجتماعية.
وقد أظهرت الدراسات أجريت بجامعة هارفارد “بالولايات المتحدة الأمريكية ” أن الأشخاص الذين يتمتعون بعلاقات طيبة وقوية سواء كانت مع الأصدقاء أو العائلة أو الجيران يتمتعون بالسعادة والاستقرار النفسي ،ويعانون بشكل أقل ويعيشون أعمارا أطول .
ومن ناحية أخري فإن ضعف العلاقات والفشل في تكوين روابط أسرية واجتماعية قوية يزيد من حالات الإحباط والاضطراب النفسي ويزيد من خطر التعرض لفكرة الانتحار.
فالإنسان بطبيعته كائن اجتماعي وبحاجة للشعور بالحب والدعم والتقدير من المقربين منه .
فالشخص الوحيد المعزول اجتماعيا يعاني من اضطرابات نفسية دائمة كالقلق والملل والوحدة وعدم تقدير الذات.
حيث إن العلاقات الاجتماعية السوية الناجحة المتزنة لا تنتج إلا أشخاص أسوياء سعداء متزنين وجدانيا ويشعرون بالأمان مما يقلل فرص التعرض للانتحار.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا كيف أحمي الشخص من خطر الانتحار وماهي الإشارات التحذيرية لذلك ؟
والإجابة هي تحدث الشخص عن الانتحار أو الكتابة عنه والانسحاب
من التواصل الاجتماعي، وترديد عبارات أنا همشي واسيبلكوا الدنيا،أنا مبقتش عاوز أعيش والتفكير بالموت والتقلبات المزاجية
وفقدان الأمل في الحياة تجاه المواقف اليومية وفعل أشياء خطيرة ومؤذية للنفس.
وواجب الوالدين أو المقربين من الشخص الذي يفكر من الانتحار حمايته ودعمه، والتحدث معه وسماعه جيدا عندما يتحدث عن ما بداخله ومشكلاته ولا ترفض الاعتراف بمشكلاته وأيضا لا تستنكر عليه مشاعره، حاول طمأنة أ تم بجانبه ومعه في جميع حالاته وأنك تريد مساعدته حقا.
والحديث معه أنه في عصرنا الحالي والمتغيرات السريعة التي تحدث حولنا أنه لا يوجد شخص مضمونا العمر كله ولا يوجد عمل يدوم الأبد ولا توجد حياة خالية من المشاكل وعلينا أن نكون أقوياء في مواجهة الحياة المختلفة، وتكوين روابط قوية وشبكة علاقات اجتماعية تحميه من السقوط في بئر الانتحار.
ولكن علينا أن نتمتع بالوعي والحذر واتساع الأفق ،والدقة في اختيار من حولنا حتي تكون العلاقات راحة نفسية ولا تتحول إلي عبء نفسي .
وعلينا جميعا أن نعمل علي تقوية روابط علاقتنا الاجتماعية والأسرية والمهنية وأن نصلح ما يحتاج الي إصلاح وندعم بعضنا بعضا وتتعامل فيما بيننا بتراحم وتعاطف وود وإخاء، وأن نؤدي واجبتنا تجاه الآخرين قبل أن نطالب بحقوقنا وأن نحرص علي عدم إيذاء مشاعر الغير وألا نفرط في أخ أو صديق أو قريب أو زميل .
ولعلنا نتذكر حديث الرسول صلي الله عليه وسلم:
“مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه منه عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمي “.
فلنعمل بالحديث الشريف ولنطبق مافيه الذي بدوره يقلل من مخاطر تعرض الفرد في المجتمع الانتحار.
إقرأ أيضًا:-
