مقالات

المرأة و الضغوط النفسية

كتبت بسمة أحمد :

كرم الله تعالى المرأة و حث على الرفق بها و حسن معاشرتها ،و ذكرها في كتابه الكريم رفعةً لمكانتها و تعظيماً لشأنها ،و ورد في القرآن الكريم العديد من النساء الصالحات، مرة بالتصريح، ومرة بالتلميح، فمن هن : حواء، ومريم بنت عمران، وآسية امرأة فرعون، وأمهات المؤمنين: عائشة، وحفصة، وزينب بنت جحش، رضي الله عنهن، وزوجة سيدنا إبراهيم، وأم وأخت وزوجة سيدنا موسى، وزوجة سيدنا زكريا، وزوجة سيدنا أيوب، وملكة سبأ، والمجادلة خولة بنت ثعلبة، والواهبة نفسها للنبي صلّى الله عليه وسلّم (أكثر من واحدة).

و خصص لها سورتين باسمها و هما سورة (النساء) و سورة (مريم ) .

فقد كرم الإسلام المرأة أماً، فقال تعالى “وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا”.

وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أولى الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قيل ثم من؟ قال: أمك، قيل ثم من؟ قال: أمك، قيل ثم من؟ قال: أبوك.

وكرم الإسلام المرأة زوجة، فجعل الزواج منها آية من آياته فقال تعالى “ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة”، واستوصى بها النبي خيراً كما قال في خطبة حجة الوداع “استوصوا بالنساء خيراً، فإنكم أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله”.

وجعلها راعية وسيدة في بيتها فقال صلى الله عليه وسلم “والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسؤولة عن رعيتها”، وقال عليه الصلاة و السلام أيضاً “الرجل سيد على أهله والمرأة سيدة في بيتها”.

وكرم الإسلام المرأة بنتاً، وقال الإمام الشافعي رحمه الله “البنون نعم، والبنات حسنات، والله عز وجل يحاسب على النِعم، ويجازي على الحسنات”، وكرم الإسلام المرأة أختاً، فقال صلى الله عليه وسلم “لا يكون لأحدكم ثلاث بنات أو ثلاث أخوات فيحسن إليهن إلا دخل بهن الجنة”.

و على الرغم من تكريم الله و رسوله للمرأة زوجةً و أماً و بنتاً إلا أننا نجد من يهينها و يحقر من شأنها و هذا إن دل فيدل على سوء خلق من يقوم بتلك الأفعال المشينة التي لا يحبها الله و رسوله فنجد أن المرأة تقع تحت ضغوط نفسية قاسية في مجتمعاتنا المعاصرة ،و نجد من يشوه أنوثتها و براءتها و رقتها التي جُبلت عليها لتقوم هي بواجبات و مسؤليات ليست من مسؤلياتها فيشكل عبأً عليها مما يؤدي بها إلى المزيد من الضغوط النفسية و قد يصل الأمر إلى المشاكل النفسية التي من الممكن أن تتعرض لها نتيجة تحملها من المسؤليات ما لا تطيق لتعدد الظروف .

فنجد من النساء اللاتي تحملن تلك الضغوط القاسية ما تسمى ب:

 ١- المرأة السوبر هيرو :

و هي تلك المرأة التي تتحمل أعباء البيت و العمل و الأبناء في آنٍ واحد ، و تحمل مسؤليات جميع أفراد أسرتها على عاتقها فنجدها أم و أب و ممرضة و معلمة لأبنائها و نجدها هي من تقوم بكل كبيرة و صغيرة في بيتها سواء في وجود الزوج أو في عدم وجوده فهي أول من يستيقظ من نومه من أفراد أسرتها صباحاً لتعد لهم فطورهم، و تجهز ملابسهم ، و تنظم لهم جدول اليوم الدراسي ،ثم نجدها مسرعة تقوم بتوصيل أبنائها إلى مدارسهم، ثم تعود إلى بيتها لتكمل باقي مهامها اليومية من تنظيف و ترتيب، و إعداد الطعام فى حالة كونها ربة منزل ، او تذهب لعملها إن كانت إمرأة عاملة لتواجه دوامة أخرى من متاعب الحياة و سخافات أصحاب العمل، و مشقة المواصلات لتعود إلى بيتها منهكة لا لكي تسترح ،و لكن لتكمل باقي طريق المتاعب و الضغوط النفسية فتسرع لتأتي بأولادها من المدرسة ثم تسرع لتوصيلهم إلى أماكن الدروس ثم إلى النوادي الرياضية لتشعر نفسها أن أبناءها لا ينقصهم شيء و هي من يقلق و يحزن لمرض الأبناء و يسعى للبحث عن أفضل طبيب و أفضل علاج تخفيفاً عن آلامهم دون أن تجد من يخفف عنها ، فتفني حياتها لإرضاء كل من حولها فنجدها هي ذاتها من تتقدم في المناسبات الاجتماعية المختلفة تلبيةً لدعوات الأهل من الطرفين فهي من تجامل في الأفراح و تواسي في الأحزان و لا تجد من يواسيها أو يشعرها بالأمان و الحب و الاحتواء بعد تقديم كل هذه التضحيات فالزوج في معزل عنها لتعدد الأسباب سواء إنشغاله بالعمل أو لانشغاله بأصدقائه عنها أو لعدم القيام بدوره داخل البيت لأى سبب أخر مما يترتب عليه المزيد من الضغوط النفسية .

٢- المرأة المُعيلة :

و هي من تعول أسرتها لفقد زوجها أو لفقدانه لرجولته فهو متواجد و لكن غير موجود بحياتها تاركاً لها مسؤليات و أعباء المنزل المادية فهي من تعمل و تتعب ليلاً و نهاراً لتغطي نفقات أسرتها و نفقات زوجها نفسه مما يتنافى مع الفطرة التي خلق عليها الرجل و هي القوامة فالرجال قوامون على النساء بما فضل الله به بعضهم على بعض و بما أنفقوا ، فالزوج المستهتر المتخلي عن قوامته يشكل ضعطاً نفسياً على المرأة أيضا .

٣- الزوجة المسافر عنها زوجها

و هي التي تقوم بدور الأب و الأم معاً، فهي تقضي شبابها و عمرها كله وحيدة تعيش في بلد و زوجها في بلد آخر تلبيةً لتحسين أوضاعهم المعيشية على حساب لم شمل الأسرة الواحدة، مما يشعرها بالوحدة و يؤدي بها إلى حدوث المزيد من الأزمات و الضغوط النفسية .

٤- المرأة المطلقة و الأرملة   

فهما ضحية لعقول و مجتمعات مريضة تجعل منهما فريسة لكل من سولت له نفسه لإيذائهم نفسيأ ، فالمرأة المطلقة هي حديث جيرانها و زملاء العمل و الأهل فلا تجد منهم الحد الأدنى من الرحمة و حسن الظن بها و لكن تواجه من يخوض في الحديث عن سلوكها و انتقاد أفعالها فلا تجد الحرية فى العيش و لا السلام في الاختلاط بالبشر فتلجأ إلى الانعزال عنهم تفادياً لما ينتج عن الاختلاط بهم من أذى نفسي ، و كذلك تجد المرأة الأرملة نفسها مطمع لمن حولها فهي من وجهة نظرهم المريضة إمراة ضعيفة لا حول لها و لا قوة تفتقد لوجود الآمان و السند منا يشعرها بالضعف و الإيذاء النفسي .

فهذه الأصناف من النساء موجودة و بكثرة و من حقهن أن تتغير نظرة المجتمع لهن و أن يتغير سلوك أفراد الأسرة و المحيطين بها في التعامل معها و دعمها و حسن معاشرتها كي تصل الأسرة و المجتمع ككل إلى بر الأمان .

اقرأ أيضًا: 

 ما وراء اكتئاب المراهقين

اكتئاب ما بعد الولادة

ضغوط الحياة النفسية والجسدية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا