أطفالنا وعلم والنفس
هدى خميس
كثير من الآباء والأمهات يتعاونون يستخفون بمشاعر وعواطف أطفالهم ويتجاهلون الرسائل الكثيرة التي يحاول الأطفال إرسالها إليهم من خلال بعض السلوكيات وردود الأفعال التي تصدر منهم مثل الغضب والصراخ واستخدام العنف ضد أخوته أو أصدقائه أو حتى ضد أفراد العائلة وهذه التصرفات تجعل الوالدين يتصرفون بطريقة سلبية تؤثر بشكل خاطئ على نشأتهم وهنا يأتي دور علم النفس.
الطفل هذا الكائن الذي يأتي للحياة وتبدأ رحلة تربيته وتدريبه بناء على تجارب وعادات وتقاليد تربوا عليها واقتبسوها من أهليهم وهنا تبدأ تربية طفلهم على هذا الأساس ويتناسون أن هناك تطورات علمية واجتماعية وثقافة قد طرأت على مفاهيم تربية الأطفال وأن ما قد يصلح للطفل من قبل عشر سنوات، لا نستطيع تطبيقه على أطفال اليوم، فلا توجد تعاليم مشروطة أو مسبقة نستلمها عند رجوع الطفل المولود مع الأم والأب من المشفى ليتم تنفيذها بحذافيرها، ولكن تبذل كل أم وكل أب جهدهم لطبع ما تعلموه في خلال نشأتهم على المولود الجديد وقد يكون ما بين الصح والخطأ، لا نملك أن نحكم على أحد، لكن على أولياء الأمور تحري كل ما هو جديد وكل ما قد يساعد في تنشئة طفل سليم صحياً ونفسياً وإجتماعياً لكي يستطيع أن ينمو ويكبر ويغدو بالغاً ومؤثراً في المجتمع الذي سوف يعيش فيه.
دعونا أولا نتعرف على علم النفس وما أهميته بالنسبة للطفل خاصة، بشكل مبسط وبعيد عن التعقيدات العلمية هو عبارة عن تحليل سلوك وردود أفعال الأطفال ومراقبة نموهم العقلي والعاطفي والإجتماعي ومدى تفاعلهم مع البيئة المحيطة بهم وتعاملهم في جميع الظروف التي تواجههم عاطفياً وسلوكياً وإجتماعياً.
لماذا علم النفس مهم؟
في مرحلة الطفولة والتي تبدأ من الولادة إلى ما قبل البلوغ، تعتبر الركيزة الأساسية لتشكيل وبناء ملامح وخصائص شخصية الطفل وتحليل وتأثير كل المواقف والأحداث التي مرت عليه خلال نشأته مهما كانت صغيرة أو تعتبر هامشية وتافهة من وجهة نظر الوالدين، ففي هذه المرحلة تُحدث علامات فارقة ويستمر أثرها حتى مرحلة البلوغ والتي سوف تنعكس على طريقة تعامله مع أفراد المجتمع الذي سيصبح جزءاً منه، لذلك أًصبح مصطلح علم نفس الطفل يشكل جزءاً مهما من حياته.
حيث تصدُر دراسات وتحليلات سنوياً لكيفية التعامل مع مختلف نوعيات وشخصيات الأطفال في هذه المرحلة الحرجة.
لا يحتاج الوالدين الى شهادة جامعية أو إلى ساعات من القراءة والدراسة لفك طلاسم شخصية طفلهم او اكتشافها والتعرف على الأسباب والتفسيرات وراء تصرفاته مثل الغيرة من إخوته، الاستحواذ على الأشياء، استخدام العنف وغيرها من السلوكيات، فالأم تلاحظ تطور ردود الأفعال عند الطفل وعلى ضوئها تبدأ في البحث والتساؤل عن الحلول المناسبة لمعالجة أي مشكلة أو مأزق وغالبية هذه الحلول يكون سببها نفسي وبالتالي علاجها يبدأ من فهم نفسية الطفل واحتوائها.
اذاً علم النفس متواجد من خلال وتواجد طفلك حولك وتحت عينيكِ، فأنت سوف تراقبين وتلاحظين وتتفاعلي مع ردود أفعالهم، سواء بالضحك أو الثناء أو التشجيع، مما سيؤدي إلى تطوير مداركه العقلية والسمعية والبصرية والسلوكية من خلال ردود الأفعال المختلفة التي تصدر منه، فمرة سوف تضحكين على نطقه لبعض الكلمات أو تقليد أخاه الأكبر في بعض الأفعال، فهو يتطور ويحاول أن يجاري المحيطين في عالمه، هذه التطورات تساعدكِ في تقييم شخصيته وفهمها وعندها سوف تحاولِ إبعاد السلبيات وتثبيت الإيجابيات، أيضاً ستتعرفون على صفاته والمميز فيه وهنا انتي تستعينين بأساليب علم النفس بلا شك.
لكن هناك بعض النصائح التي يجب أن تنتبهي لها حاولي أن تتجنبي أن يقع طفلك في دائرة الاضطراب النفسي أو الاضطراب في السلوك أو حالات القلق واضطراب فرط الحركة أو اضطراب الأكل أو صعوبات التعلم وغيرها التي يمكن أن نتجنبها لو احتويتي ابنك أو ابنتكِ وتعاملتِ معها بطريقة صحيحة.
لاحظي وراقبي بحب
تعرفي على شخصية طفلك من خلال مراقبته، لن تجلسي وتبدئي في تضييق الخناق ومراقبة وكتابة الملاحظات بالطبع لا، سوف تتابع وتراقبي حياته الطبيعية من خلال تعاملكِ معه يومياً وسلوكه خلال محاولات تواصله وتفاعله مع الأشياء والأشخاص حوله، ماذا يحب أن يأكل، لماذا يخاف من النوم في غرفته وحيداً، لماذا لا يحب هذا النوع من الخضار، ردة فعله عندما ترسليه للنوم مُبكراً،أو إذا حُرم من لعبته المفضلة،مزاجه ، عند اللعب أو عند الأكل …إلخ.
وحاولي ألا تصدري الأحكام عليه ولا تقارني بينه وبين الآخرين، انتي تحاولين أن تتعرفي على شخصيته فقط.
كوني قريبة منهم
لكي تكوني قادرة على مراقبة سلوكهم، يجب عليك أن تخصصي وقت مخصص لهم يومياً لتجلسي فيه معهم، لتلعبي وتقرئي لهم أو حتى تجلسي تراقبيهم بينما هم منشغلين في ممارسة أنشطتهم، سواء اللعب أو مشاهدة التلفاز أو القراءة.
حاولي التحدث معهم ومهما كانت أعمارهم صغيرة، فمن المفيد أن تجري حوار يومي معهم حول مختلف الأشياء وأن يكون هذا الوقت كافي ليتحدثوا في كل شيء، ومن خلال هذه المحادثة ستتعرفين على هواياتهم، لعبتهم المفضلة، كيف يقضون أغلب وقتهم خارج المنزل وتعاملهم مع من حولهم وطبعاً الاهتمامات الأخرى الجانبية، رياضتهم المفضلة، مطربهم المفضل،البرنامج التلفزيوني المفضل، أكلتهم المفضلة وهكذا.
استمعي له جيداً
بما أن مراقبة السلوك مهمة، فالأهم الاستماع لهم وعدم التقليل من مشاعرهم وأخذهم على قدر من الجدية واعتبار ما يخبرك به أمراً مهماً وجدياً واحترام مشاعره في هذا الأمر، فبهذا أنتِ تبني الثقة معه، وانتبهي لطريقة الكلام ونبرة الصوت، وتأكدي من وجود اتصال مباشر بالعين و طبعا ستفيدك مراقبة حركة جسده وهو يتحدث، فسوف تخبرك الكثير عن مشاعره، هل هو في حالة غضب أو حالة غِيرة أو حالة كُرهْ أو حتى حالة فرح، فلو كان الطفل يجد صعوبة في التعبير عن نفسه، لغة جسده هذه ستكتفي بشرح ونقل صورة كاملة لكِ.
بعض الأطفال لهم طريقتهم الخاصة للتعبير، كالرسم أو التمثيل أو حتى محاولة الكتابة، فاحرصي على تشجيعهم وحاولي النظر إلى رسومهم وتحليها.
تعرف على عقل طفلك
طريقة عمل عقل الأطفال تختلف من طفل لآخر، كلٌ حسب بيئته وكيفية تفاعله مع ما يحدث حوله ولذلك يقوم بتوظيفه أحاسيسه ومشاعره ومهاراته الحركية، وبالتالي يختلف عن عقل البالغين لأن عقل الأطفال يصعُب التعامل معه بطريقتنا، فهم لا يملكون المنطق في الحكم أو موازنة الأمور كما لدينا نحن البالغين، لذلك نحتاج للتعامل معهم إلى قليل من الصبر والحكمة.
لذلك عندما يقوم الوالدين بالاستفسار من طفلهم عن أي حدث أو موضوع يخصهم، يجب أن يتم توجيه سؤال مباشر لهم،حيث يحتاج الطفل لوقت حتى يستوعب ما السؤال، فهو يمر بمراحل مختلفة تتضمن تطور قدراته الحسية و الحركية واللفظية وكيفية استخدامها في التعامل بها في هذه السن المبكرة، وبالتالي ستساعد الطفل على اتخاذ القرارات بنفسه وحل ما يعتبر مشكلة في سنه هذه، فلا تستخفي بعقله ولا تسخري منه وكوني إيجابية وتعاملي بحرص.
أخيراً لا توجد طريقة معينة للتعامل مع الأطفال ولا توجد طريقة خطأ أو صح، فكل الآباء والأمهات يحبون أولادهم ويرغبون في أن يعيش أولادهم في بيئة صحية سليمة ولا يريدون إيذائهم ولكن طريقة كل أب وأم تختلف طريقتهم في التعامل مع طفلهم عن غيرهم، فرفقاً بأطفالكم ولا ترهقهم بصراعاتكم وتجاربكم التربوية.
