التاريخ والآثار

هل عمر القاهرة ألف عام فقط؟

 

محمد جاد

تبدأ عواصم البلاد منذ توحيد مينا الوجهين القبلي والبحري بمنف التي هي ميت رهينة بالبدرشين جيزة حاليًا والتي إرتدت إلى طيبة في الجنوب التي هي الأقصر حاليا ثم عادت إلى منف في الأسرة الثالثة واستقرت بها حتى الثامنة حوالي خمسمائة عام متواصلة، وجاء عصر الإضمحلال الأول فورثتها إهناسيا التي هي في بني سويف حاليًا، ثم عادت طيبة من جديد لتكون عاصمة وطنية ومنها تزحزحت العاصمة شمالًا إلى شدت وهي في الفيوم حاليًا

وجاء الهكسوس فاتخذوا من أفاريس في شرق الدلتا عاصمة لهم، ثم جاء المارق إخناتون فأشعل ثورة دينية بهدف التوحيد، ولما كانت المقاومة شديدة في طيبة زحزح العاصمة إلى الشمال بعيدًا عن موطن الإله آمون رع وسماها بأسم إلهه المعبود الواحد الذي لا شريك له إختاتون أي أفق الإله آتون التي هي تل العمارنة حاليًا، بيد أنها لم تدم سوى بضع سنوات؛

إذا انهارت الامبراطورية التي بناها سابقوه في سنوات طوال. ومر الزمان لتنتقل العاصمة من أقصى الجنوب إلى الشمال الذي هو الدلتا حاليًا؛

 ففي العصر التانيسي في الأسرة الحادية والعشرين أصبحت تانيس في شمال شرق الدلتا هي العاصمة، ثم انتقلت العاصمة إلى بوبسطة وهي تل بسطة في الزقازيق حاليًا. وتنازعت العاصمة كل من منف وسايس التي هي صا الحجر، ثم جاء الفرس فعادت العاصمة إلى منف نحو قرنين من الزمان كأنها قدر محتوم.

وجاء الإسكندر المقدوني فأراد أن ينشأ أرخبيلًا جنوبيًا موازيًا لأثينا فذهب بعيدًا إلى أقصى الشمال وأقام مدينة جديدة سُمُيت باسمه “الإسكندرية” واتخذها البطالمة عاصمة، وكانت إنحرافة إستعمارية على شاطيء المتوسط، بيد أنها اشركت مصر في مجتمع البحر المتوسط كما تمنى لها ملوك مصر الوطنيين وكانت عاصمة الجمال والإنسانية بحق، وأغرق البطالمه منف الكيمتيه فسموها “ممفيس”. وجاء الرومان فساروا على طريق الإغريق ولم يغيروا العاصمة.

هل عمر القاهرة ألف عام فقط؟

ثم جاء بن العاص فتجمعت الألباب من عرب وقبط على قتال الرومان فخرجوا وعاد بنو مصر إلى دور عبادتهم، وتوحدت الأرباب حق التوحيد فتحققت رغبة إخناتون بعد قرون كثيرة. اتخذ العرب الفاتحون من الفسطاط عاصمة لهم، وجاء العباسيون فأنشأوا العسكر، وكذلك فعل الإخشيديون بالقطائع، ثم جاء المعز لدين الله الفاطمي المنصوري المهدي، ولا يأتي من تونس إلا الخير، فأنشأ القاهرة فكان لها من جميع أسماءه نصيب؛ فهي المُعَزة بدين الله المُعِزة له، المفطومة عن أن يكون لها شريك، إذ تجمع بين حضارات العالم القديم والحديث على السواء، وهي المنصورة على الأعداء القاهرة لهم، المهدية بإذن رب العباد

. هي القاهرة إسمًا على مسمى تقهر أعداءها فيدفنون فيها، وتقهر من أبناءها من يتركها تكبرًا عليها فيقتله الحنين ليعود إليها مشتاقًا. إن تكن العاصمة قد تأسست بإسم القاهرة نهاية القرن العاشر الميلادي، فهي ليست بعيدة عن محيط منف عاصمة كيمت الوطنية، وعليه فالقاهرة إسمًا عاصمة مصر منذ عشرة قرون، بيد أنها من حيث الموقع أقدم من ذلك بآلاف السنين، لذا فهي من أقدم العواصم. كل الطرق تؤدي إلى القاهرة ومصر من البحر إلى الشلال ترقص

هل عمر القاهرة ألف عام فقط؟

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا