الأسرة والتربية

ابنتي المراهقة…الحب وحده لا يكفي…

 

بقلم/ هدى خميس

تنطلق تعابير الفرح والأهازيج التي تعبر عن وصول المولودة، حيث يفرح الأب بوجود ابنة يُدللها وتكون مثل أمه حنونة عليه وتفرح الأم بوجود ابنة ستغدو صديقتها وسندها في البيت والحياة ، وتمضي السنوات وتخرج من مرحلة الطفولة والدلع وتبدأ الدخول في مرحلة المراهقة، حيث يبدأ الخوف والتوتر والتساؤلات التقليدية، كيف أتعامل معها، كيف أجعل ابنتي قريبة مني وصديقتي في نفس الوقت، كيف أتصرف بحيث لا أفسد هذه المرحلة وأجعلها من أحلى فترات حياتها.
مرحلة المراهقة مرحلة نفسية معقدة، يُمر بها جميع الصبيان والفتيات، ولكن قد لا تعرف معظم الأمهات كيفية التعامل مع أطفالهن، فجأة تجد أن هذا المخلوق الذي كان رضيعاً وضعيفاً معتمد كُلياً على والديه في كل شيء قد نمى وأصبح طفلاً مليء بالنشاط والحركة والحيوية إلى أن وصل إلى المرحلة المهمة ما قبل النضج وتحمل المسؤولية واتخاذ القرارات وإثبات ذاته.

لكن يجب أولا أن نتفق بأن الأمهات ينظرون أولادهم مهما كبروا وشابوا،أنه ذلك الطفل الصغير الذي يركض إلى حضن أبيه باكياً عندما يتعثر ويسقط ليشعر بالأمان أو تلك البنت الصغيرة ذات الضفائر والتي تنظر لأمها نظرة كلها حُب وامتنان، فمهما كبروا سوف يكون الأب والأم بانتظارهم .
لكن ماذا يجعل المرحلة هذه متوترة وغير آمنة؟
اليوم سوف نتحدث عن علاقة الأم بابنتها المراهقة وكيف تتعامل معها،تواجه البنت المراهقة مواقف صعبة على نفسيتها أو قد تكون تتعامل بطريقة مختلفة وعنيفة وتتصرف بعند وأنانية، حيث تحاول أن تظهر شخصيتها. فكيف يكون التعامل؟

التغيرات الفسيولوجية والجسدية

تكلمي مع ابنتك بكل صراحة عن التغيرات التي تمر بها في هذه المرحلة، خاصة ما يحدث للفتيات من تغيرات في أجسامهن ومرحلة البلوغ والدورة الشهرية والإضطرابات النفسية التي تصاحب هذه الفترة ، كي لا تهلع ولا تشعر بالخوف وتعرف أنك بجانبها، ولا تلجأ للأشخاص خارج المنزل.

إبدئى بزرع الثقة في نفسها دعيه تشعر بأن لا شيء يخجل في شكلها وإن كان هناك شيء مختلف في الشكل أو اللون أو الطول أو الوزن، فهذا يميزها ولا يعيبها وأنها طبيعية وجميلة في كل وقت واجعليها تتحمل المسؤولية بأن تشارك معك في أعمال المنزل أو الاعتناء بإخوتها الصغار.

كوني مستمعة جيدة

لكي نحتوي هذه الفترة الحرجة، إبدئى بالاستماع لابنتك، نحن النساء نحب أن نتكلم كثيراً، تنازلي عن هذه الهواية في هذه المرحلة وكوني المستمعة لها، اختاري الوقت المناسب، قد يكون قبل النوم أو بعد العودة من المدرسة أو في ساعة شرب فنجان القهوة في جلسة استرخاء معها، واجعلى هذه الجلة عادة أسبوعية أو يومية واختاروا وقتا للخروج معاً فقط كل فترة، دعيها تشعر بأنك قريبة منها كصديقة واستمعي لها ولا تقللي من أي حدث أو أي تعليق، فكل حدث يدور في فلك ابنتك سواء قريب أو بعيد يُعتبر شيئاً مهماً في حياتها.

الاهتمامات وما تحب

تعرفي على الأشياء المفضلة التي تحبها ابنتك والتي قد تقضي جُل وقتها وهي تمارسها، فمنها سوف تتعرفين على شخصيتها واهتماماتها، ماذا تحب وماذا تكره، سوف تشعر بأنك مهتمة بما تفعل،فقد يبدو لكِ الوضع تافهاً أو غير مهم ولكن ذلك سيعطيها الشعور بأنها مهمة هي وما تحب بالنسبة لكِ خاصة إذا شاركتها ما تحب، فقد تحب نوع معين من الرياضة أو تحب الموسيقى أو ترتل القرآن الكريم أو حتى تمارس الرقص أو تقضي وقتاً في وسائل التواصل الاجتماعي وما دامت العلاقة سوية بينكم، فسوف تشاركك ما تفعل وتخبرك أول بأول ما يجري معها ولهذا حديث آخر.

الشخصية العنيدة

تتصرف المراهقة بعند وعصبية بسبب احساسها بالظلم، إما للتفرقة بينها وبين الأخ كونه هو ولد وهي بنت ! أو تعرضها لصدمة نفسية بسبب مشاكل بين الوالدين أو بسبب الإنفصال وغالباً يغيب الأب ويختفي من حياة ابنته ولا تجد الابنة ذلك المثل الأعلى الذي كان في حياتها ، فتلجأ إلى التنفيس عن غضبها بطرق عدة وتوجيه اللوم للطرف الموجود، فتبدأ تصرفاتها تصبح مستهترة وعنيدة ولا تنفذ أي أمر يُطلبْ منها، هنا كوني صبورة وتعاملي بهدوء واحترمي مشاعرها ولا تقابليها بالصراخ والشدة، استمعي لها واحتويها وخذيها في حضنك لكي تهدئ، هي تريد أن تثبت شخصيتها وتأكد لكِ أن لها وجود ووجهة نظر لتحترميها وأيضاً هي تبحث عن اهتمامك وحنانك ،هي تعبر عن مشاعرها بالطريقة التي تراها صحيحة وهي مستعدة في هذه المرحلة أن تقول “لا” لكل شيء في مقابل أن تلاحظوا وجودها، فلا تقابلي عنادها وتوترها وصراخها بالمثل، فقد يصاحبها عزلة واكتئاب ومن ثم يتحول الموضوع إلى مرض نفسي بحاجة إلى اخصائي نفسي لمعالجته.

احترمي خصوصيتها

ما دمت قد أعطيتها مساحتها، فبادري باحترام خصوصيتها واجعليها تثق بك، فهي الآن تعتبرك صديقتها وستأتي وتخبرك بكل شيء ،راقبيها ولكن بحذر، كوني على قُرب ولكن لا تأخذي حريتها ولا تجعليها تفقد ثقتها بنفسها، فتلجأ للكذب والأهم ثقتها بكِ، ولو أخطأت ورغبتِ في معاقبتها فلا توجهي اللوم لها أمام أحد خاصة صديقاتها ولا تعاقبيها بقسوة، فأنت تريدين أن تكسبيها، حاوريها وناقشيها ولا تفقدي لحظاتكم معا.

الأصدقاء

تحدثي معها وشاركيها الحديث عن أصدقائها وصديقاتها وتعرفي عليهم، ففي هذه الفترة يكون تأثير الأصدقاء أكبر من الأهل ويستمعون لهم أكثر ويأخذون بآرائهم ولو قررت أن تشاركك مشكلة أو موقف لإحدى صديقاتها لا تظهري ردة فعل تغضبها، ولا تسخري منها فقد لا تأتي هذه اللحظة مرة أخرى، سواء لها أو لأحد من صديقاتها، فكوني ذكية واحتفظي بصداقتها.

أخيراً

لا تنتقدي ولا تسخري ولا تكوني مسيطرة، ولا تكوني أُم ظالمة تفرق بين أولادها ، أحبيهم بعدل وأظهري هذا الحب، ليس بإظهار القسوة عليهم ولكن احضنيهم من وقت لآخر، قبليهم شاكيهم لحظات الحزن ولحظات الفرح والمرح ولكن ابتعدي عن التدليل الزائد.

أولادك قد كبروا ، تقبلي أن لكلٍ منهم شخصية مستقلة ومختلفة عن الآخرين وتذكري أنك أنت مصدر الأمان والثقة والحب بالنسبة لهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا