التاريخ والآثار

منشوريا وطن اليهود الضائع

بقلم: عبدالعزيز مصطفى.

إن كنت مواطن عربي فأنت على الأقل قد شهدت طوال حياتك جزء من الصراع العربي الإسرائيلي على ثالث الحرمين الشريفين و مستقر النبي في الإسراء والمعراج
في القدس المنطقة التي مازال الصراع محتدم عندها و لا يزال الخلاف قائم على وطن اليهود المقام على الأراضي الفلسطينية المحتلة و لكن هل تعلم عزيزي المواطن العربي من المحيط إلي الخليج بأن فلسطين لم تكن إلا الفصل الأخير في رواية لم ينتهي مؤلفها من سردها بعد ..

فقبل فلسطين حاول اليهود بإقامة وطن لهم بمساعد المنظمة الصهيونية في دولة جنوب أفريقيا وهو ما رفضته إنجلترا ليكون العطا علي بلد آخر ألا وهي الأرجنتين و لكن لظروف إقليمية و دولية لم يتحقق مرادهم أبداً فكان التمسك بوطنهم المنصوص عليه في وعد بلفور في العام ١٩١٧ ولكن قبل ذلك
كله كانت الأمال متغيرة و تحدق في وطن أخر أقامة اليابان بعد إحتلالهم لجزء من الصين إلا وهو دولة منشوريا الحلم الضائع لليهود وقد عرفت هجرة اليهود إلى اليابان بخطة فوغو أو اتفاقية فوغو، وقد كان الغرض جذب اليهود الفارين من الإمبراطورية الروسية بعد مذابح العام ١٩١٠ بعد نشر بروتوكولات حكماء صهيون بشكل علني داخل الدولة الروسية، وهو ما يزال بكائية ثانية لهم بعد بكائها على المحرقة اليهودية في ألمانيا النازية، وبالتوازي مع هروبهم من أوروبا ..

منشوريا وطن اليهود الضائع

أعتقد بعض القادة اليابانيين، مثل القبطان كروشيه إينوزوكا والعقيد نوريهيرو ياسوي والصناعي يوشيسوكه إيكاوا، أن بإمكان اليابان تسخير الإقتصاد اليهودي والسلطة السياسية عبر السيطرة على هجرة اليهود، وأن تلك السياسة ستتضمن رضى الولايات المتحدة عبر التأثير على الشعب اليهودي في أمريكا؛ على الرغم من بذل جهودٍ لجذب الأستثمارات والهجرة اليهوديتين، كانت الخطة محدودة التأثير جراء عدم رغبة الحكومة اليابانية بتعارض سياستها مع حليفتها ألمانيا النازية.
في نهاية المطاف، تُركت مهمة تمويل المستوطنات وتوفير المؤن للمستوطنين إلى المجتمع اليهودي العالمي، فشلت الخطة في جذب تعداد سكاني كبير ومستديم، وفشلت أيضًا في توفير عائدات إستراتيجية لليابان مثلما توقع واضعوها. في عام 1937، غزت اليابان الصين؛ فأخبر السفير الياباني في فرنسا الطبقة الحاكمة في اليابان أن «اليهود البلوتوقراطية الإنجليز والأمريكيين والفرنسيين» في طليعة المعارضين للغزو ..

في 6 ديسمبر عام 1938، أتخذ مجلس الوزراء الخمسة (وهو المجلس صاحب السلطة العليا في إتخاذ القرار والمؤلف من رئيس الوزراء فوميمارو كونويه ووزير الحرب سيشيرو إيتا جاكي ووزير البحرية ميتسو ماسا يوناي ووزير الخارجية هاشيرو أريتا ووزير المالية إكيدا شيقياكي) قرارًا بمنع طرد اليهود من اليابان بعدما وقعت اليابان والمانيا إتفاقية حلف مناهضة الكومنترن عام 1936 والاتفاق الثلاثي في سبتمبر عام 1940، كسبت معاداة السامية موطئ قدم رسمي في بعض دوائر الحكم ضمن طوكيو. في المقابل، واجه عامة الناس في اليابان حملة تشويه لسمعة اليهود، فنشأ تخيّل رائجٌ عن اليهود عُرف باسم يوداياكا، أو «الخطر اليهودي»

خلال الحرب العالمية الثانية، اعتُبرت اليابان بنظر البعض ملاذًا آمنًا لليهود من الهولوكوست، على الرغم من كونها إحدى دول المحور وحليفًا ألمانيا. لم يستطع اليهود الذين حاولوا الهرب من بولندا المحتلة عبور المناطق المحاصرة قرب الإتحاد السوفياتي والبحر المتوسط، فاضطروا إلى المرور بدولة ليتوانيا المحايدة (والتي كانت محتلة من قِبل الأطراف المتحاربة في يونيو عام 1940، بدءًا من الإتحاد السوفياتي ثم ألمانيا ثم الاتحاد السوفياتي مجددًا).

منشوريا وطن اليهود الضائع

ومن بين اليهود الذين وصلوا، أُرسل العديد منهم (نحو 5 آلاف شخص) إلى جزر المملكة الهولندية الكاريبية بعد حصولهم على تأشيرات سفر يابانية أصدرها الدبلوماسي الياباني تشيونه سوغيهارا، وهو الذي شغل منصب القنصل الياباني في ليتوانيا. تجاهل سوغيهارا الأوامر ومنح آلاف اليهود تأشيرات دخول إلى اليابان، مخاطرًا بمهنته لإنقاذ أكثر من 6 آلاف يهودي لجلبهم لوطن أخر باليابان

يُقال إن سوغيهارا تعاون مع المخابرات البولندية، كجزءٍ من خطة تعاونية أكبر بين اليابان وبولندا. تمكّن اليهود من الهرب على طول حدود روسيا الشاسعة عبر القطار من فلاديفوستوك، ثم عبر القارب إلى كوبه في اليابان. و قد وصل عدد اللاجئون الي 2185– إلى اليابان منذ شهر أغسطس عام 1940 وحتى شهر يونيو من عام 1941. تمكن تاديوش رومر، سفير بولندا في طوكيو، من الحصول على تأشيرات ترانزيت في اليابان، و تأشيرات لجوء في كندا وأستراليا ونيوزيلندا وبورما، وشهادات هجرة إلى فلسطين، بتأشيرات هجرة إلى الولايات المتحدة وبعض دول أمريكا اللاتينية.

 

و قد سُمح لمعظم اليهود بالإنتقال من اليابان إلى غيتو اليهود في شنغهاي، الصين، وشُجعوا على ذلك أيضًا، فكانت شنغهاي حينها خاضعة للاحتلال الياباني فيما عرفت بكونها جزء من دولة منشوريا خلال فترة الحرب العالمية الثانية. في نهاية المطاف، وصل تاديوش رومر إلى شنغهاي في الأول من نوفمبر عام 1941، واستمر بالعمل لصالح اللاجئين اليهود الذين غادروا جميعاً اليابان بعدما ساعدوا القوات الأجنبية في إحتلالها، وعلى رأسهم أميركا الذي كان من رأيهم اخضاع اليابان لابد أن يكون قاسم وشديد للأبد ..

منشوريا وطن اليهود الضائع

أما عن يهود المهاجرين إلي اليابان فبعد أن خروجهم منها بعد الهزيمة التي حلت على البلاد و قد كانوا أحد أسبابها فرار معظمهم إلى وطن آخر لصراع آخر يزاحمون شعب فلسطين في أرضه يقسمون تاريخه كما أراد قادتهم فعله بجنوب افريقيا وقبلها الأرجنتين وتتكرر المأساة ولا يبقى لنا غير التاريخ هو الشاهد الأخير بما لنا وما علينا.

– مصادر المقال:
1- كتاب اليهود أنثروبولوجيًا
للأستاذ جمال حمدان.

– المراجعة اللغوية: ناريمان حامد 

إقرأ أيضًا:-

مجمع معابد الكرنك 

الثورات في العصر الروماني 

نبذة تاريخية عن الأهرامات 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا