
الفلكلور المصري وبعض أنواعه
نسرين الزيادنه
– الفلكلور نشأته وتعريفه
قصص وفنون، حكايات وأساطير، عادات وتقاليد، تنحصر بمجموعةٍ سكّانية في بلدٍ ما، ويعود أصل كلمة “فلكلور” إلى اللغة الألمانية، ومعناها عربيًّا “علم الشعوب” ويقابلها أيضًا “التراث”، المأخوذة من الإرث: أي الّذي يرثهُ الأبناء عن الأسلاف، وقد يكون هذا الإرث تاريخي، ثقافي، أو اجتماعي، وتُصاغ هذه المعارف على شكل روايات شفهية غالبًا ينقلها الأجداد للأبناء والأحفاد، أو يتم تدريسها في المدارس، وقد يضيف كل جيل أشياءً أو يحذف أخرى لتتوافق هذه العادات الفلكلورية في النهاية مع واقع الحياة الحالية، وهذا الإبداع الذي ينتقل من جيل لآخر ليس من صنع فرد واحد بل نتاج الجماعة الإنسانية ككل في مجتمع ما.
ظهر مصطلح الفلكلور لأول مرة؛ عام 1846م، استخدمه لأول مرة عالم الأثريات الإنجليزي سيرجون وليام تومز حيث كان مستكملًا ومحددًا به الجهود العلمية والقومية التي سبقته في انجلترا وألمانيا وفنلندا وغيرها من بلدان أوروبا، وقد شاع مصطلح فلكلور بعد ذلك بمعنى حِكمة الشعب ومأثوراته، وذلك كمصطلح يدل على موضوعات الإبداع الشعبي حتى تطورت وتقدمت مناهج علم الفلكلور واتسع مجال بحثه ليشمل مختلف أوجه النشاط الخلّاق للإنسان في بيئته وارتباطه بالثقافة الإنسانية ككل.
– الفلكلور المصري
تمتلك جميع الثقافات والبلدان فلكلورًا فريدًا خاصًّا بها، يستمر بالتّشكّل والتوارث، بصفته هوية شعوب لا يمكن الإستغناء عنه، وقد تكمن مشكلاته في أنَّ حالات توثيقه قليلة أحيانًا، والاعتماد الأكبر على الذاكرة الشعبية أو على بعض من كرّسوا حياتهم لتسجيل هذا الإرث العظيم، وتشتهر المجتمعات المصرية باحتضانها لحصيلة من الإرث الفلكلوري بأشكال عديدة تختلف أحيانًا باختلاف ثقافة كل منطقة؛ فالفلكلور وفق طبيعته يتأثر بالثقافة الشعبية كونه لا يقتصر على نوع واحد، بل العديد منها، وجميعها مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بثقافة المنطقة كونها نابعة منه.
ويعود أصل الفلكلور المصري إلى العصر الفرعوني القديم، وهو ما تم توثيقه من خلال نقوش المعابد، التي تدل على عظمة المصريين وإبداعهم، وهذا التاريخ الثقافي والتراثي المصري، حظي باهتمام كبير من الهيئة العامة لقصور الثقافة بالفلكلور الشعبي، والتراث المصري بشكل عام، وذلك من خلال تواجد العديد من فرق الفنون الشعبية في مناطق مختلفة توثّق وتعمل بهذا الإرث، بالإضافة إلى الموسيقى العربية، وإقامة الفعاليات والأنشطة ذات الطابع الشعبي والفلكلوري، التي تعكس الهوية المصرية.
– بعض أنواع الفلكلور المصري
تتنوع أشكال الفلكلور، وجميعها تُعبّر عن هويته، وتختلف باختلاف الشعوب ونظرتهم لموروثهم الشعبي، وطريقة الحفاظ عليه وتأديته بالشكل الأمثل، ومن أشكال الفلكلور المصري:
• الأغاني الشعبية
تعتبر الأغاني الشعبية لسان الشعب، ويعتبر الفلكلور محرك صناعة الفنون عامّة والأغاني خاصة، مهما تغيّرت أشكال الموسيقى، أبرز من قدم أغاني مبنية على الفلكلور المصري هو الشيخ سيد درويش، مثل «سالمة يا سلامة» و«يا عزيز عيني»، وهي كلمات كانت فلكلورية الأصل.
وكان للأغاني النصيب الأكبر في إعادة تقديم الفلكلور، إمّا بإعادة غنائه كما هو، وإمّا بإعادة تلحينه وتوزيعه، وأغلب أغاني الفلكلور تكون على شكل قصة وحوار، من طرف واحد والطرف الآخر تخيُّلي، لكنّها شكّلت مشاعر وأحداث واقعية بعيدًا عن الفلسفة.
• الرقص الشعبي
ابتدعت الشعوب فنون الرقص الشعبي بأشكاله وألوانه المختلفة ومن أشهر الرقصات التراثية المصرية: البمبوطية، التحطيب، التنورة، الحجالة، التربلة، الأراجيد وغيرها، ويُعد الرقص أحد أشكال الفنون الشعبية، وهو موروث شعبي أصيل، والمناطق المصرية المشتهرة به عديدة منها؛ الصعيد، النوبة، الاسكندرية، مناطق الصحراء الشرقية والغربية، وغيرهم، أمّا أشكال الرقص فتختلف باختلاف المنطقة، منها ما هو بدوي، ومنها ما هو فلاحي، وغيرها من الرقصات.
• الملابس
يُعد زي المرأة المصرية جزء من تراث البلد القاطنة به، ويعكس تاريخه وثقافته، وتختلف الملابس الفلكلورية من منطقة لمنطقة أخرى، سواء في شكل الزي، لونه، خامته، أو اسمه، ومنها ما هو مزدهر ومنتشر، ومنها ما هو مندثر؛ كالملاية، اللف، اليشمك، الطربوش والبيشة.
وغيرها الكثير من الموروث الفلكلوري المصري العريق، الذي له قيمة حضارية وإنسانية لا تندثر، فهو عنصر طبيعي وضرورة مُلحّة ضمن أي مجموعة اجتماعية، و وهوية شعوب.