فيلم الشيماء والدراما المضللة

بقلم : عبدالعزيز مصطفى

 

لطالما كان فيلم الشيماء من العلامات البارزة في مصر والوطن العربي خلال فترات المناسبات الدينية التي تمر بها الأمة الإسلامية ومع كل عرض للفيلم كان يتكرر نفس السؤال في أذهان الكثيرين من المتابعين .. ولكن هل كل ما ورد في الفيلم حقيقية أم لا ؟
وللإجابة على ذلك السؤال علينا بالرجوع قرون طويلة إلى الوراء لمعرفة القصة الكاملة والنادرة والحقيقية المغايرة لما قد ورد في الفيلم المصري الذي مر على أنتاجه قرابة الخمسين عام وبالعودة نري إن أول من أورد تفصيل ذكر الشيماء في كتب التاريخ كان المؤرخ ابن حجر العسقلاني حين ذكرها في كتابه الأطول {الإصابة في تمييز الصحابة} وقد ذكر بأن الشيماء بنت الحارث بن عبد العزى بن رفاعة أخت الرسول (ص) من الرضاعة إسمها في الجاهلية هو حذافة ..

وأورد ذكر أهل السير أن الشيماء كانت تحضن رسول الله مع أمها وأن الشيماء لما وصلت إلى رسول الله قالت يا رسول الله إني لأختك من الرضاعة، قال وما علامة ذلك قالت له علامة فعرف رسول الله العلامة فبسط لها رداءه ثم قال لها ههنا فأجلسها عليه وخيرها وقال إن أحببت فأقيمى عندي محببة مكرمة لوجه الله .. وإن أحببت أن أمتعك (أي أحملك بالأمتعة) فارجعي إلى قومك فقالت بل تمتعني وتردني إلى قومي فمتعها وردها إلى قومها وقال أبو عمر بذلك الشأن في سير الصحابة الكرام أنه وفي العام الثامن للهجرة أغارت خيل رسول الله على هوازن فأخذوها فيما أخذوا من السبي فقالت لهم أنا أخت صاحبكم، فلما قدموا بها قالت يا محمد أنا أختك وعرفته بعلامة عرفها، فرحب بها وبسط رداءه فأجلسها عليه ودمعت عيناه فقال لها: إن أحببت أن ترجعي إلى قومك أوصلتك وإن أحببت فأقيمى مكرمة محببة، فقالت بل أرجع فأسلمت وأعطاها رسول الله نعما وشاء وثلاثة عبيد وجارية ..

وبذلك ينفي كتاب المؤرخ إبن حجر العسقلاني ما جاء في فيلم” الشيماء “من أنها كانت تغني وكانت تدافع عن الإسلام
وعلي قول أبو عمر استناداً ومؤكداً بذلك أنها ما قابلت النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا بالعام الثامن الهجري وبالتالي لم تكن أسلمت وقت هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم تغني مع الأنصار” طلع البدر علينا ” إحتفالا بهجرته كما يزعم الفيلم ..
وقال ابن حجر في ذكرها أنها قابلت النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم غزوة هوازن أو يوم غزوة حنين وكانت تكبره في السن بعشر سنوات حينئذ أي أن عمرها يوم قابلت الرسول قد كان 70 سنة وكان عمره -صلى الله عليه وسلم- حوالي 60 عام ..

أما عن زوجها بيجاد بني سعد والذي قام بدوره الفنان الراحل أحمد مظهر فأوضح المؤرخون أن بجاد زوج الشيماء أخت النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الرضاعة ولا يوجد نص صريح صحيح يبين إسلامه من عدمه، وخلاصة القول عن بجاد كما في كتاب سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد -صلى الله عليه وسلم- أن الشيماء كلمت النبي -صلى الله عليه وسلم- في بجاد أن يهبه لها ويعفو عنه ففعل صلى الله عليه وسلّم. ولم تذكر أي من كتب السير المعتبرة ما جاء في الفيلم عن أنه كان يعادي النبي -صلى الله عليه وسلم- أو أنه -صلى الله عليه وسلم- أمر بقتله فقد كان بيجاد من الذين قد تم سبيهم في هوزان ..
معلومة فنية خلال إنتاج فيلم الشيماء كانت بطلة العمل إذ تقوم بدور راقصة في فيلم بنت بديعة وقد تسبب ذلك الأمر في تأجيل عرض فيلم الشيماء عام كامل حتى لا يكون الفيلم محط سخرية من المصريين خلال قيام بطلته بدور أخت الرسول هنا وراقصة هناك وقد قامت بطلة الفيلم بأزمة أخرى فيما بعد عندما ظهرت في غلاف أحد المجلات في بداية السبعينيات في صورة مصطنعة لها وهي استحمامها وظلت تلك الأزمة حتى بعد عرض الفيلم الذي كان الاعتراض على بطلته التي طورت من أدائها ليكون أكثر انفتاحاً على الجانب الملتزم بالتقاليد الاجتماعية في مصر ..
المصادر التاريخية:-
كتاب؛ سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد .
كتاب؛ الإصابة في تمييز الصحابة .
المراجعة اللغوية : ناريمان حامد

 

إقرأ أيضاً :-

مركب خوفو (أضخم أثر عضوى بالعالم)

نبذة تاريخية مختصرة عن وادى الملكات