مقالات

أسماء يوم القيامة في القرآن تكشف غموض هذا اليوم

بقلم: شاهندة شعيب

لماذا سمي يوم القيامة بأكثر من اسم؟ وما دلالة هذه المسميات؟

رغم تعدد واختلاف الأديان التي يعتنقها جنس بني البشر، إلا أن هناك حقائق راسخة رسوخ الجبال، تتفق عليها كافة الأديان مثل وجود خالق، ووجود حياة وبعث بعد الموت، ووجود يوم حساب فيه يعرض الخلق جميعا على رب الكون، وللإنسان فيه طريقان لا ثالث لهما، إما معذب هالك، أو منعم راغد في الفردوس، وتختلف أسماء يوم القيامة باختلاف الأديان.

أسماء يوم القيامة في القرآن تكشف غموض هذا اليوم
أسماء يوم القيامة في القرآن تكشف غموض هذا اليوم

فهو يوم (الدينونة) في المسيحية، والدينونة هو الدين والحساب، وهو يوم (هدين) في اليهودية، ويعني يوم الرب، ويبقى تفاصيل يوم القيامة في الأديان السماوية مبهم حتى جاء الإسلام، وأفرد له تفصيلا مطولا، عن هذا اليوم حيث ورد ذكر يوم القيامة في القرآن بأسماء كثيرة ومختلفة، وكل اسم مرتبط بمشهد من مشاهد هذا اليوم العظيم.

وقبل أن أبدأ أطرح عليك عزيزي القارئ سؤالا هاما: لماذا تعددت أسماء يوم القيامة في القرآن؟ لما لم يسمه الله اسم واحد فقط يذكره في كل موضع أراد الله الحديث فيه عن يوم الحساب؟ فكر في الأمر جيدا ربما تكتشف السبب أثناء القراءة، وإن لم تعرف ستجد الإجابة في نهاية مقالتنا والآن سنقف على كل لفظ من ألفاظ يوم القيامة مع شرح موجز لما يعنيه..

أسماء يوم القيامة في القرآن تكشف غموض هذا اليوم

القيامة: سُمي اليوم الآخر بالقيامة لقيام الموتى أو لما يقوم فيها من أمور عظيمة، وذكر لفظ القيامة في القرآن الكريم في ٧٠ آية.
الصاخة: والصاخة هو الصوت الشديد وهي الداهية العظيمة والصاخة هي النفخة الثالثة (نفخة البعث) وفيها تصم الآذان أهوالها ولصوتها.

الحاقة: فهي حق ولا بد من تحققها ويتحقق معها الوعد والوعيد والفوز بالجنة أو الهلاك في النار.

الغاشية: والمعنى اللغوي لها هو التغطية فيها تغشى الخلائق بأهوالها، والغاش هو ما يحيط بالشيء أي مغطى به وتطلق أيضا على النار في قوله تعالى: ( تغشى وجوههم النار)، أي تحيط بهم من فوقهم وتحت أرجلهم.

القارعة: لأنها تأتي بغتة، كمن يطرق الباب طرقًا شديدًا حين يغفل أهل الدار وسميت بالقارعة فهي تقرع القلوب بهولها، ويقال بأنها قارعة لأن السماء تنطبق على الأرض.

التغابن: والغبن في اللغة هو البيع بأقل من الثمن الأصلي، وغبنه أي انتقصه حقه، فكيف يحدث هذا يوم القيامة؟ الإنسان قد يعمل لزيادة رصيد أعدائه من الحسنات، وذلك يتم عن طريق الغيبة والنميمة، بالغبن يكون للإنسان الذي تؤخذ منه حسناته بالقوة وتُعطى لمن يكره في الوقت الذي يحتاجها فيه، ويمنعها حتى عمن يحب فيقول (نفسي نفسي) فإذا بعدو له يأخذ ما له من أجر.
والغبن هو الخسارة وهي خسارة أهل النار والضلال وقد أوضح العلماء حقيقة الغبن، فلكل منا مكان في الجنة وآخر في النار فإن دخل أهل الجنة الجنة بقت أماكنهم في النار خالية يأخذها أهل النار، وبالمثل ترك أهل النار مكانهم في الجنة لأهل الجنة فيالها من خسارة عظيمة واستبدال النعيم بالشقاء الأبدي.

أسماء يوم القيامة في القرآن تكشف غموض هذا اليوم
أسماء يوم القيامة في القرآن تكشف غموض هذا اليوم

الطامة الكبرى: والطامة هي المصيبة، وهي لحظة بداية الحساب، وسميت لحظة حضور جهنم بالطامة (وجيء يومئذ بجهنم) فيقول الله – سبحانه وتعالى- لنبيه آدم عليه السلام يا آدم أخرج بعث النار فيقول آدم: ” وما بعث النار يا رب”، فيقول: “من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين” وسُميت بالطامة فمن هولها يشيب شعر الطفل؛ الطامة تحدث مجددا في لحظة معرفة الإنسان من أي الفريقين هو، لذلك لحظة تطاير الصحف وتذكر الإنسان لأعماله هي طامة (يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى).

الآزفة: وازفت بمعنى قربت، فكل ما هو آت قريب والساعة قريبة وتصبح بعد ظهور علاماتها أكثر قربا، قال تعالى ” اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ “.

يوم التلاق: والتلاق من اللقاء، فيلتقي آدم -عليه السلام- مع آخر ولد له ويلتقي فيها الناس جميعا ببعضهم ويلتقي أهل السماء بأهل الأرض ويلتقي الرسل مع قومهم والجن مع الإنس ويلقي الإنسان فيه مع جزاء عمله من خير أو شر، والأعظم من ذلك، يلتقي فيها الإنسان المخلص مع ربه، فهو يوم اللقاء الأعظم.

يوم التناد: والتناد هو النداء، وأول من ينادى عليه هو آدم عليه السلام، وسُمي بهذا لكثرة ما يحدث فيه من نداء، فينادى على الإنسان باسم أمه للحساب، وينادي الناس على بعضهم البعض، ويصرخون وينادى أهل الجنة أهل النار ليقولوا لهم إنا وجدنا وعد الله حق، وينادي أهل النار أهل الجنة (وَنَادَىٰ أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ ۚ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ (50) وكذلك ينادي أصحاب النار على خازن جهنم مالك (وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ ۖ قَالَ إِنَّكُم مَّاكِثُونَ (77)) وينادون أيضا على الله سبحانه وتعالى (رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ (107)).

الساعة: في اللغة جزء من الزمن، أما اصطلاحا في الشرع هي وقت دمار الأرض، والساعة شرعا تعرف بالعهد، وقد وردت الساعة بمعنييها اللغوي والاصطلاحي في الآية الكريمة (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ ۚ كَذَٰلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ).

الواقعة: وهي تدل على شيئا سقط من أعلى سقوطا لازما لا يستطيع أحد أن يرفعه، وهي خافضة لمن كذب بها في أعمالهم كسراب، وهي رافعة لمن آمن بها، وأتت الواقعة في الكثير من المواطن في القرآن الكريم معظمها مخيف.
يوم الحسرة: والحسرة من مشاهد يوم القيامة، وقد يظن أن الحسرة للكافر فقط، ولكن الحسرة من المشاهد التي ستكسو الجميع يوم القيامة، حيث يتحسر المؤمن على أنه لم يزدد إيمانا وتقوى، ويتحسر الكافر على عدم إيمانه بالله عز وجل.

يوم الحساب: سُمي يوم القيامة بيوم الحساب لأن الله سبحانه وتعالى يعدد على الخلق أعمالهم من أعمال صالحة وأخرى غير فاسدة، كما يعدد نعمه عليهم، ثم يقابلهم ببعضهم البعض وتحاسبوا فيما بينهم ولكل أمرئ ما كسب.

 

يوم مستطيرا: مصائب هذا اليوم ستكون متفشية في كل شيء، فاستطار الشيء أي انتشار وتمدد، في تفشي الشر في السماء فتسقط، وتتناثر الكواكب، وتتكور الشمس والقمر وفزع أهل السماء، ثم يتفشى الدمار في الأرض وإذا الجبال نسفت وغارت المياه وحشرت الوحوش وبدلت الأرض غير الأرض.

يوم عبوس قمطرير: لا يوجد يوم عابس بنفسه، ولكنه سُمي بهذا نسبة لأثره على غيره، فهو وصف لحال الوجوه يوم القيامة حيث تعبس الوجوه وتقبض ما بين الأعين كراهية لهذا اليوم، والقمطرير هو القطران، حيث رُوي أن الوجوه تعبس فيخرج القطران من بين الجباه.

الراجفة والرادفة: الرجف في اللغة هو التحرك والاضطراب، والردف هو ما تبع الشيء، فهي تتبع النفخة الأولى بالتحقيق، أما في الاصطلاح الراجفة هي النفخة الأولى وهي نفخة الإماتة، والرادفة هي النفخة الثانية وتعني نفخة البعث، وتسمى بالراجفة لما يحدث في العالم من اضطراب ورجفة، حيث يصعق لها من في السماوات العالم

أسماء يوم القيامة في القرآن تكشف غموض هذا اليوم
أسماء يوم القيامة في القرآن تكشف غموض هذا اليوم

.

اليوم الموعود: وسميت يوم القيامة باليوم الموعود حيث وعد الله بها عباده.

وبعد الانتهاء من شرح بعض ألفاظ يوم القيامة حان الوقت لمعرفة إجابة سؤالنا، وهو لماذا تعددت أسماء يوم القيامة في القرآن والإجابة هي أن لفظ واحد لهذا اليوم العظيم قد لا يؤدي حقه في الوصف، فأي لفظ هذا الذي يجمع في طياته كل هذه الأحداث الخطيرة التي تحدث فيه؟ وقد يأتي في ذهنك الآن سؤالًا حائرًا أوليس الله سبحانه وتعالى قادرا على الاتيان بهذا اللفظ ؟ فمن المعروف أن القرآن الكريم معجزته اللغة ولفظ وحيد يعبر عن القيامة ليس أمرًا يعجز الله -سبحانه وتعالى- فما داعي إذًا لكثرة المسميات المرتبطة بهذا اليوم؟ نعم عزيزي القارئ لفظ واحد ليس صعبًا على خالق الكون وجامع الناس في يوم تشخص فيه الأبصار، ولكن هذا اللفظ الوحيد سوف يعجز البشر عن فهمه، فنحن متفقون أن القيامة يوم عظيم لم يشهد الإنسان طوال تاريخ نشأته يوم مروع مثله، فالإنسان لابد أن يعرف الشيء الذي يطلق عليه اسم، ولكن كيف يطلق اسم عن شيء لم يره أبدًا؟ وكيف يستوعب اسم لشيء لم يحدث في تاريخه قط؟ وهذا أمر ليس غريب على القرآن الكريم فقد سمى الله أشياء بمسميات مختلفة عن حقيقتها حتى تستطيع عقولنا ادراكها، فعقولنا خُلقت لتستدل على الاشياء بحواسها، وفي النهاية القرآن كتاب يخاطب الإنسان، فمثلا الشجرة الملعونة في القرآن وهي طعام أهل النار (إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ* طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤوسُ الشَّيَاطِينِ)

فكيف لشجرة أن تنبت في مثل هذه الظروف فنحن نعرف أن الشجرة لها صفات معينة وظروف خاصة تسمح بنموها، كما أن الشجرة جميلة المنظر طيبة الثمار تحتاج هواء نقي وضوء للقيام لتثمر وهذه أجواء لا تتوفر في جهنم بطبيعة الحال، ولكن الله سبحانه وتعالى أراد أن يقرب لنا صورة هذا الكائن في الجحيم بطريقة تجعلنا نتخيلها لذلك أطلق عليها شجرة لأن الإنسان يعرف الشجرة وربما لأنها تشبه الشجرة في هيكلها الخارجي، وربما لأنها تشاركها في بعض الصفات، ولكنها ليست الشجرة المعروفة لنا بالتأكيد، أما بالنسبة لطلعها كأنه رؤوس الشياطين، فهذا يؤكد زعمنا فثمار الشجرة قبيحة جدًا قبح لا يتصوره الإنسان فكيف يقرب الله صورة تلك الثمار في القرآن بطريقه تجعلنا نتخيلها؟

لذلك ذكر الله عز وجل أن طلعها يشبه رأس الشيطان، والإنسان يتخيل دائما الشيطان بأبشع الصور فسيكون من السهل الآن تخيل شجرة ثمارها قبيحة مثل رأس الشيطان وما يؤكد بأن الشجرة لا تشبه رأس الشيطان بل هذا تعبير مجازي للتوضيح مدى قبحها، أن الشياطين نفسها سوف تعذب في جهنم فكيف يخاف الشيطان من شجرة طلعها يشبه رأس بني جنسه؟ إلا لو كان طلع الشجرة مخيف أكثر إخافة من رأس الشيطان ولكن استخدم الله هذا اللفظ فقط لتقريب الصورة لنا، والتوصيل تفاصيل هذا اليوم العظيم في الأذهان أطلق الله لفظ لكل مشهد من مشاهد يوم القيامة، ولما تعددت المشاهد تعددت المسميات بالضرورة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا