التاريخ والآثارمقالات

التحول الديني في عهد إخناتون

بقلم: بسنت محمد بكر

 

تمرد حدث في عهد الملك إخناتون “امنحتب الرابع” احد ملوك الأسرة الثامنة عشر ، في العام الرابع من حكمه ، وكان هذا التمرد من الملك نفسه ؛ حيث تمرد علي وجود آلهة وآلهات كثيري العدد ودعا إلي عبادة إله واحد موحد للبلاد هو الذكر والأنثي ، ألا وهو الإله ” آتون” ، وبهذا تحول إسمه من أمنحتب الرابع إلي ” إخناتون” والذي يعني ” الروح الحية لآتون” .

التحول الديني في عهد إخناتون

بدأ بالتمرد علي كهنة الإله ” آمون رع “ وبدأ بكشط أسماؤه وألقابه من المعابد وكل نقوش التعبد إليه ، وحلَّ محلَّها فقط اسم الإله ” آتون” ، وأقام له معبد في معابد الكرنك ، بدأت الحياة كلها تتغير وتتحول جميعها لتتهيأ لعبادة إله أوحد هو الإله ” آتون” وتعتبر أول حركة توحيد في التاريخ ، وقام بعدها الملك إخناتون ببناء مدينة جديدة لتكون هي العاصمة محل طيبة ألا وهي ” أخيت آتون” والتي تعني” أفق آتون “ وهي مدينة “تل العمارنة” بمحافظة المنيا ؛ ولذا سميت فترة عهد الملك إخناتون وخلفاؤه ” فترة عبادة الإله آتون عموماً بفترة “العمارنة” .
تحولت الألقاب إلي “آتون” بدلاً من “آمون” ، وأخذت الملكة نفرتيتي زوجة الملك “إخناتون” لقب ” نفر نفرو آتون” .

صور الإله آتون علي هيئة قرص الشمس بأشعتها الذهبية التي تنتهي بأيدي بشرية ؛ نظراً لأنه يهبهم الرخاء والسعادة والطمأنينة والعدالة لأنه إلاههم الأوحد في البلاد.

التحول الديني في عهد إخناتون

اثرت هذه العبادة الجديدة وهذا التحول الديني الجديد علي شتي مناحي الحياة منها “الفنون” ؛ حيث نجد أننا ننتقل في هذا العصر إلي ما يسمي بـ “المدرسة الواقعية” وتهدف إلي أن يتم تصوير التماثيل كما هم الأشخاص في الطبيعة بدون تزييف أو إهمال للعيوب التي توجد في طبيعتهم ، وظهر ذلك جليَّاً في تماثيل تلك الفترة وأشهرهم تمثال للملك إخناتون وهو مصور ولكن بهيئته في الطبيعة دون مراعاة للتناسق او عدم إظهار العيوب كما كان في المدارس الفنية للأسر السابقة ؛ حيث نجده يظهر ببطن ممتلئة وملامح طبيعية تميل للأنثوية قليلاً ، وتباينت الآراء حول ذلك ،حيث قيل أنه ممثل كأنثي ، ولكن قيل أنه ظهر هكذا لأنه يعبر عن الإله علي الأرض والإله توحد وأصبح إله واحد فقط يعبر عن الذكر والأنثي ، وقيل عن واقعية تصوير التمثال أنه يعبر عن الإلهة “ماعت” إلهة الحق والعدالة ؛ حيث أنه وحد العبادة تحت لواء إله واحد يرمز للعدالة ، وبما أن التمثال ممثل بواقعية فهذا بهدف يدل علي الصدق والحق وعدم التزييف ، فيضفي قدسية لهذا الإله الذي اعتمده أمنحتب الرابع ، أي أن هذه الأشياء جميعاً من تأثير عبادة الإله الجديد.

انعكس الأمر أيضاً علي سياسته ؛ حيث نجد أنه أهمل سياسة البلاد الخارجية ، وأهمل كل استنجادات ملوك الدول الأخري به منهم من كان تابع لمصر وتم السيطرة عليه في تلك الفترة لانشغاله عن السياسة والأمور الخارجية وذلك لأنه انصب كل اهتمامه علي عبادة الإله الجديد وإقامة العاصمة وكيفية إسكات كهنة آمون ، ويصلنا في تلك الفترة ما يسمي بـ”رسائل العمارنة” التي تعبر عن السياسة الخارجية ، حيث أنها من الدول الأخري إلي مصر وتُعد من أهم المصادر لتلك الفترة ولعلاقة مصر بالدول الاخري التي أهملها جميعاً في تلك الفترة .
أي أنه نجح داخلياً ولم ينجح خارجياً.

التحول الديني في عهد إخناتون

ثم يأتي خلفاؤه بعد وفاته بعد حكم دام 17 عام لتتحول العبادة مرة أخري إلي الإله آمون ويتم القضاء علي فكرة التوحيد ، وحتي نجد لقب ابنه هو “توت عنخ آمون” وليس آتون.

يصف عالم المصريات الأمريكي :“چيمس هنري” اخناتون علي أنه أول متمرد في التاريخ ، وأن هذا التمرد هو السر وراء بقاء إخناتون واستمرارية استنساخه.
حيث أنه نجد أن الامريكيين من أصل أفريقي يعتمدون في أيدولوچيتهم علي استثمار رأس المال الثقافي المصري من مصر القديمة في صراعهم ضد العنصرية ، ويقولون أنهم وجدوا فيه رمز للنبي الذي يجمع بين الإسلام والأصول المصرية للقارة الإفريقية ، وذلك لأنه اول من تمرد وأول من دعا لعبادة إله واحد ، وبسبب هذا تحول إخناتون أدبياً وفكرياً لرجل لكل العصور.

 

إقرأ أيضاً :-

المومياء الصارخة

اللغة المصرية القديمة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا