مقالات

العلمانية ما بين الحرية والسياسة والدين

بقلم: بيمن خليل

ما هي العلمانية؟
قبل أن نتحدث عن العلمانية دعونا نعرِّف أولًا ما هي العلمانية في نظرها هي…

العلمانية هي بعض المعتقدات التي تدعم وتنص على أنه لا يجوز أن يدخل أو يشارك الدين داخل أمور الدولة واختصاصاتها المدنية والسياسية والإجتماعية، ويذكر عن العلمانية أنها مثل نظام يرفض رفض تام وقاطع تدخل الدين في الشئون الإجتماعية والسياسية للدولة أي بمصطلحها البسيط والمتداول لدى الكثير من الناس هي عملية (فصل الدين عن الدولة) باختصار شديد جدًّا.

العلمانية ما بين الحرية والسياسة والدين
العلمانية ما بين الحرية والسياسة والدين

متى ظهرت العلمانية ومدى التطور الناتج عنها؟

ظهرت العلمانية وكانت بدء نشأتها في أوروبا وقد أفادت كثيرًا النظام الأوروبي وأثرت أثرًا كبيرًا في شؤونه الداخلية والخارجية أيضًا في العديد من المجالات المهمة، المجالات: السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحتى أيضًا الدينية، ونعود بالزمن قليلًا لنفهم لماذا قامت العلمانية؟ سنجد صراعًا كبيرًا بين الكنيسة والعلوم، فقد تبنت الكنيسة بعض النظريات العلمية القديمة والتي لا تتناسب مع التطور التي شهدته أوروبا وربطت هذه النظريات بالدين ومن خلال الطفرة المهولة التي شهدتها العلوم في أوروبا أثبتت أن بعض النظريات التي تبنتها الكنيسة كانت غير صحيحة مما ترتب عليه وجود حرب فكرية شرسة ما بين العلماء والمفكرين وما بين الكنيسة.
فاستشعرت أوروبا في القرن السابع عشر تقريبًا أنها بحاجة لأن تواكب كل هذه التغيرات الكبيرة في مجالاتها العلمية مما توصلوا لمصطلح العلمانية وتم بناؤه على أن يتم فصل الدين عن الدولة بشكل قاطع، مما أثار هذا القرار غضب المتدينين ورجال الدين ولكنهما تغلبا على ذلك وتم إنشاء مفهوم العلمانية وتم تطبيقه منذ ذلك الحين، وفي القرن العشرين بدأت العلمانية ترتكز وتأخذ إطار المعاملات في الدولة وحصر الدين في أماكنه الخاصة به فقط، وترك الأمور السياسية للدولة والأمور الاجتماعية لمختصيها والأمور المدنية والدينية كذلك كلاً منهما على حدا وفي المكان الذي يخصه.

بداية انتشار العلمانية

انتشرت العلمانية انتشارًا كبيرًا بين الدول في أوروبا وظهرت بداية أفكارها في فرنسا في عام 1879م، وتم بناء التشريعات المدنية عوضًا عن التشريعات الكنيسة وأصبح أغلبية أعضاء البرلمان الفرنسي من مؤيدي العلمانية أي (علمانيين)، وسبقتها بعد ذلم إسبانيا.
وانحصر دور الكنيسة في شؤونها فقط وعدم تدخلها في أمور الدولة بأي شأن كان.

أول دولة في قارة أمريكا تعلن تطبيقها للعلمانية؟

كانت المكسيك هي أول دولة في قارة أمريكا تعلن عن تطبيق النظام السياسي العلماني داخل شؤونها، وتلتها دولة تركيا بعد ذلك في تطبيق هذا النظام الذي كانت بداية ذروة انتشاره على يد أتاتورك حاكم تركيا حينذاك، ولم تقتصر السياسية العلمانية إلى دول الغرب فقط بل ولحقتها بعض الدول العربية لتعزيز شؤونها والاستفادة من هذا النظام.

العالم العربي يسيء للعلمانية ومحاربته لمعتنقي فكرها
بالطبع لم يتقبل العالم العربي وجود هذا النظام وأن يعتادوا به وأن فجأة ينحصر دور الدين وتطبيق فلسفة غريبة صدرها الغرب لهم، فبالتالي ثار الكثير من رجال الدين والمفكرين العرب على نحو هذا الأمر محاربين أفكارها معلنين أن الدين هو أساس كل المعاملات البشرية والخروج عنه هو تخلي عن السلام والمحبة التي تدعو بهما الأديان وأن الدين هو أساس البشرية كلها وهو نظامها وأحكامه هي أحكامها والتشريعات الدينية هي القادرة على التطبيق في أي زمن وأي وقت مما لم يعجب هذا الأمر بعض من العلماء والكتاب والمفكرين المصريين اللذين على الجانب الآخر متفقين أنه يجب أن تسود العلمانية في المجتمع العربي وخصوصًا المصري مما تسبب ذلك في دخول حرب شرسة بين الطرفين ما بين مؤيد ومعارض دامت لسنوات كثيرة جدًّا وصلت إلى السجن وإراقة الدماء.

المشاكل التي قابلت العلمانيون في مصر

أول مشكلة تواجهها العلمانية في مصر؟ وهل العلمانية هي الحرية المطلقة؟

تداخلت الأفكار وأساء البعض فهم العلمانية من الدين فتشابكت الأمور، فالكثير من العلمانيون في ظنهم أن العلمانية هي الحرية المطلقة ويجب أن يطبق هذا النظام لمصالح شخصية وذاتية يرغبون بها، والبعض الآخر الذي ناشد بها لم يدرك ماهية الدين من ماهية الفلسفة العلمانية فتدخلت الأمور في بعضها مما تسبب ذلك في خلل عملية الإدراك الإنساني العربي لمفهوم العلمانية.
ثاني مشكلة قابلت العلمانية في مصر؟
ثاني مشكلة قابلت العلمانية في مصر بأن العلماء والمفكرين صدروا للناس بأن الدين به مشاكل ولا يصلح لأن يكون حاكم ومشرع وهذا خطأ كبير أثار الجدل والحرب على هذه الأفكار من قبل علماء الدين وأن الدين لا يصلح لهذه المهمة.
ملحوظة مهمة: مع العلم أن العلمانية في الأصل هي عملية فصل الدين عن الدولة وليست اساءة للدين أو انتقاده بمثل هذا الشكل وهذا ما لم يقدر أن يفهمه أو يدركه مدعو العلمانية في المجتمع العربي والمصري.

هل العلمانية تتعارض مع الدين؟

العلمانية ما بين الحرية والسياسة والدين
العلمانية ما بين الحرية والسياسة والدين

صراحةً العلمانية لا تتعارض أبدًا مع الدين فالدين له شأنه الكبير وأحكامه وتشريعاته وكذلك العلمانية فلسفة ونظام له نفس ذلك أيضًا ومن الخطأ الفادح أن يقول أحد أن الدين يتعارض مع العلمانية.
فإذا أوضحنا الأمر وناقشناه ببساطة فسنجد أن العلمانية لا تتعارض مع الدين بل تصلح من فهم الناس الخاطئ للدين ولا تنقض الدين أبدًا بل تنقض الفكر الخاطئ عن الدين، وهذه كلها أمور سطحية لا شأن لها بدواخل الدين نفسه أبدًا حتى لا يختلط الأمر على القارئ ويسيء الظن والحكم.
ولكننا للأسف في الفترة الأخيرة نرى عكس ذلك والتدخل الصريح من بعض الأحزاب التي تدعو للعلمانية في النقض المباشر للدين والإساءة له وهذا بالطبع مسار خاطئ لأن العلمانية أحكامها وطرقها فكرية فقط وليست عقائدية أبدًا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا