مقالات

رواية ” الباب المفتوح ” بين تحرير المرأة والتحرر الوطني

بقلم : منة مصطفى محمود

نادرًا ما تجد عملاً روائياً أو حتى سينمائياً أثر في عدد كبير من الناس وانفعلوا معه، ليس فقط بعقولهم وإنما بقلوبهم أيضا، لأن من الصعب أن تقرأ رواية أو تشاهد فيلما فتجد أنه قد صاغ مشكلتك باحتراف و بكلمات قد تكون قليلة، ولكنها تحمل جميع تفاصيل مشكلتك التي عجزت كلماتك أن توصفها، فتلامس قلبك وتنفعل معها بكل وجدانك وأحاسيسك، كان من هذه الأعمال النادرة رواية الباب المفتوح للكاتبة لطيفة الزيات، التي على الرغم من أنها كُتبت في الستينيات إلا أنك عندما تقرأها، ستشعر بأنك تجاهد مع قلم الكاتبة بأحاسيسك لتصل إلى التحرير الوطني والاجتماعي في النهاية.

كما ستشعر بمدى عبقرية الكاتبة في صياغة مشكلة اجتماعية كانت سائدة في ذلك الوقت وهي “حرية المرأة” و إبداعها في ربطها ب “حرية الوطن”، فحرية المرأة من حرية الوطن.

رواية " الباب المفتوح " بين تحرير المرأة والتحرر الوطني
رواية ” الباب المفتوح ” بين تحرير المرأة والتحرر الوطني

للمزيد من المقالات اضغط هنا

نبذة عن لطيفة الزيات

ولدت لطيفة الزيات، في دمياط عام 1923م، تلقت تعليمها في المدارس المصرية و التحقت بعدها بجامعة القاهرة وحصلت على الدكتوراة في الأدب الإنجليزي عام 1957م.

كانت لطيفة الزيات، تهتم بقضايا المرأة وكانت من أوائل الناشطات السياسيات خلال الأربعينيات، وانتمت إلى التيار الاشتراكي واعتقلت أكثر من مرة.

اختارت أن تكون أول روائية مصرية، لتنتج لنا بذلك أولى الروايات التي تنصر قضايا المرأة.

و تعد رواية الباب المفتوح، نقطة تحول في تاريخ الرواية العربية في مصر، حيث جعلت المرأة مركز الحدث التاريخي بعدما كانت على الهامش الاجتماعي في الكتابة.

سطور عن رواية الباب المفتوح

رواية الباب المفتوح من الروايات النثوية، حيث نجد أن بطلة الرواية و صانعة الأحداث فيها هي امرأة وكاتبة الرواية هي أيضاً امرأة، لذلك تجد أن الرواية تنبض بمشاعر النساء وأوجاعهن في مواجهة كل ما يحدث حولهن.

تنتمي الرواية لتصنيف ( رومانسي_ سياسي )، تدور أحداثها في فترة ما قبل ثورة 1952م حتى العدوان الثلاثي 1956م ، فنجد أن الأحداث التاريخية طول الرواية تكون في الخلفية أحياناً أو مشتبكة مع الأحداث، وتكون في النهاية المحرك الأساسي للأحداث.

نجد أن سطور الرواية تتحدث عن الحلم والهدف والحرية وتحقيق الذات، الذي لابد أن يصاحبه كفاح أمام العديد من التقاليد والمعتقدات والأصول المغلوطة والمتعسفة ونظرة المجتمع الرجعية للمرأة، فتصحبنا الرواية في رحلة تحقيق البطلة لذاتها والاستقلالية المصاحبة لحرية الوطن من الاحتلال، و هذه الرحلة ليست قاصرة على البطلة وإنما هي رحلة كل امرأة تسعى لنيل حقوقها وحريتها و تحقيق ذاتها.

رواية " الباب المفتوح " بين تحرير المرأة والتحرر الوطني
رواية ” الباب المفتوح ” بين تحرير المرأة والتحرر الوطني

و حول المخرج هنري بركات الرواية إلى فيلم سينمائي عام 1960م، من بطولة النجمة فاتن حمامة والفنان صالح سليم، و قد لاقى الفيلم نجاحاً كبيراً، وفاز بجائزتي أفضل فيلم و أفضل ممثلة لفاتن حمامة في مهرجان جاكرتا السينمائي و ترجمت الرواية إلى الإنجليزية فيما بعد.

نبذة عن أحداث الرواية

• القضية والرمز

تدور الرواية حول شخصية ” ليلى ” وهي فتاة نشأت في أسرة تنتمي للطبقة المتوسطة، اتخذتها لطيفة الزيات رمزًا للقهر وأيضاً مقاومته، وذلك من خلال مراحل حياتها المختلفة منذ كانت طفلة مروراً بمرحلة المراهقة حتى وصلت إلى سن 21 وحينها بدأت تريد أن يكون لها كيان مستقلا، وأبت أن ترضخ مع القطيع الذي انحني أمام تقاليد المجتمع الساذجة و الأعراف الغير عادلة.

وباحترافية شديدة رسمت الكاتبة أحلام البطلة والتي وقعت أسيرة العادات والتقاليد وسلطة المجتمع وتسلط الأسرة، كما جعلت منها نموذجاً شديداً الواقعية تعبر من خلاله عن نساء مجتمعها، وتعرض لنا الكاتبة الصراع الذي نشب بداخل «ليلى» بين ما تحتاجه وتريده و بين تقييد العادات والتقاليد والعرف لاختياراتها وتكبيل رغباتها.

• معالجة سياسية

تجد أن الأديبة لطيفة الزيات، قد عالجت قضية اجتماعية ثقافية في إطار سياسي، حيث تدور أحداث الرواية من 1946م حتى 1956م، وهي فترة شهدت مقاومة وصمود الشعب المصري في وجه الاحتلال البريطاني ووقوع معركة بورسعيد، وتأتي السطور مؤكدة على أهمية دور المرأة في الدفاع عن الوطن ضد المحتل، وتعكس الرواية أحلام الوطن في الاستقلال والتحرر من الاستعمار والتي ترتبط بدورها بأحلام المرأة المقيدة بالأعراف المغلوطة و التقاليد الساذجة، معبرة الكاتبة على أن تحرر المرأة هو تحرر للإنسانية والوطن بأكمله.

• الصدام

تصطدم “ليلى” من ظلم المجتمع الذكوري والذي يحملها دائماً ذنب أخطاء لم تقترفها فقط لأنها أنثى، وكذلك أسرتها التي تحرم عليها الحب و الحرية، فنجد “ليلى” تواجه الأب بمفردها، والذي يضيق الخناق عليها مطبقاً الأعراف الظالمة والقاسية، وأيضاً دكتورها بالجامعة – قام بدوره ” محمود مرسي ” في الفيلم – تقدم لخطبتها وكان يعتبر نفسه سيداً ووصيًا على المرأة وينظر للأنثى على أنها مظهر اجتماعي يكمل صورته الناقصة أمام الناس، وازدواجية الأخ، الذي يهتف بعبارات المساواة لكنه مع ذلك ينظر إلى أخته على أنها ليست مثله وأنها أقل منه، وعصام – حبيبها الأول- الذي ينظر للمرأة على أنها جسدًا فقط.

ومن خلال هذا تكشف الكاتبة نظرة المجتمع المتدنية للمرأة .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا