مقالات

واحة العقل

بقلم : ريهام المكاوي

هل تساءلت يومًا ما هى واحة العقل؟

واحة العقل، أو راحة العقل، أو جنة العقل، كلها مصطلحات تعبر عن معنى واحد، وهى القراءة، فالقراءة حقًا هى الجنة الخضراء لعقل قد تيبس طويلًا، لعقل يريد بناء أفكار وقناعات جديدة بعيدًا عن الأفكار والقناعات القديمة، فبالمعتقدات والتفكير يحيا الإنسان ويتحرك، فمثلما أن غذاء الجسد هام فكذلك فإن غذاء العقل هام.

واحة العقل
واحة العقل

للمزيد من المقالات اضغط هنا

فقد أمرنا الله تبارك وتعالى بالتعلم والقراءة، فأول ما أنزل على رسولنا الكريم صلى الله عليه(اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَم)سورة العلق آية 1-5.

فالقراءة هى غذاء العقل والروح، وبها يعرف ويرقى الإنسان في جنبات إنسانيته وعقله، فأكثر الأمراض النفسية انتشارًا سببها في المقام الأول أفكار خاطئة، معتقدات خاطئة، مفاهيم خاطئة، توجهات خاطئة في الحياة هى ما تسبب للإنسان أسباب تعاسته وشقائه، فالجهل هو عدو الإنسان الأول.

فالعلم والقراءة لا يقتصران فقط على شهادة علمية نحصل عليها وليس فقط من أجل العمل، فالعلم والقراءة زينة حياة وزينة عقل وزينة وجود، فكما أن الماء والهواء مهمان للإنسان لكى يحيا، فإن العقل مهم له لكى ينير حياته؛ ولكى يعرف طريق الحق ولكى يعبد الله على حق؛ ولكى يتلمس طريقه في دروب الحياة الواسعة.

والعلم ليس علم مجالك فقط وإنما هو علم جميع المجالات، فكلما زادت معرفة الإنسان زادت واتسعت معرفته وإدراكه، وكان أكثر استيعابًا لأمور الحياة الواسعة، فالإنسان له احتياجات عقلية وروحية وجسدية ونفسية، لأنه كل متكامل، وواجبه الأول تجاه نفسه هو الوفاء بهذه المتطلبات، وعقل الإنسان مثل الآلة الجبارة تحتاج دائمًا للتنظيف والشحن والتعمير، فإن لم تعمرها ظلت مثل الصحراء القاحلة التي لا تنبت ذهبًا أو فضة، وهذا ما يحول حياة الإنسان إلى جحيم، فالإنسان في سبيل معتقداته وأفكاره قد يقتل وقد يحارب في الدفاع عنها، مثلما كنا نرى في حوادث الأخذ بالثأر في الصعيد، أو المعتقدات الشائعة في مجتمعنا حول المطلقة والأرملة.

ولذلك فإن أراد الإنسان جنةً لنفسه، فالجنة الحقيقية بداخله وليست في الخارج، الجنة الحقيقية في الدنيا بداخله بأن يجعل من عقله واحة، ولايتركه مثل الحديقة المهملة التي تمتلأ بمختلف أنواع الأعشاب الضارة والسامة القاتلة.

فالبعلم تتغير حياة وترقى أمم، ويرفع الله أقواما ويحط آخرين، العلم في حد ذاته يجب أن يكون كقيمة مستمرة في الحياة وليس من أجل درجة علمية للحصول عليها أو عمل، فسعادة الإنسان الحقة في الدنيا في تطويره لنفسه دائمًا عما هو معتاد ومألوف طالما لا يخرج خارج نطاق الحرام والحلال.

والدعاء مع العلم هو سلاح المؤمن القوى في الدنيا والآخرة، فاجعل من عقلك واحة خضراء واختر لها دائمًا أفضل الزهور والنباتات لكى تزرعها بها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا