رؤية وابداع

شيموفرينيا

كتب / شيماء الشربيني

الاوراق المتطايرة(٢)
كانت نظرة السيد حافظ لتلك الورقة تثير تساؤلات في رأسي ، لماذا كل تلك الدهشة والقلق ، فقد ظل صامتا للحظات قبل أن أنصرف من أمامه .
كانت أحداث ذلك الْيَوْمَ مجرد بداية كل شئ وما كانت الورقة إلا نذيرا لما سوف يأتي ، كانت مجرد ناقوس ينبئ أن أحدهم سوف يعاقب … علام ؟ وكيف ؟لا أحد يعلم
مرت عدة أيّام بدت عادية للغاية لم ينكسر فيها الروتين اليومي الكئيب في ذلك المنزل الصامت الكبير ؛ الذي لم أرَ فيه مظهراً للحياة طيلة سنوات عملي .. إن كل ركن يشي أنه ليس بالبيت سيدة ، حتي أنه لم توجد مرآة واحدة في المنزل بأكمله .
إلي أن كانت تلك الليلة ، كان الجو باردا و السماء تمطر بسخاء لساعات طويلة .. بينما الهواء يحدث صوتا مخيفاً… وإذا بباب غرفتي الموصد يفتح ببطئ شديد ، فتملك الفزع مني ولَم أستطع تحريك ساكنا ، ظننت في بادئ الأمر أنه السيد حافظ فليس ثمه ثالث في المنزل ولكنه لم يكن هو .. كانت عيناي شاخصتان حين دخلت سيدة ثلاثينية في رداء أبيض حريري ، أنا أعرف ذلك الوجه ولكن شعوري بالخوف كان كفيلا بمحو ذاكرتي للحظات ؛ لم تتفوه بكلمة واحدة بينما أشارت لي باتباعها ثم وضعت سبابتها علي فمها مشيرة لي ألا أنطق بكلمة
كان الخوف يأكل عظامي واستبد الرعب بأطرافي فلم أقوَ علي الحركة في بادئ الأمر ، غير أن قوة أكبر مني جعلتني ألبي إشارتها وأنساق وراء خطواتها صعودا للطابق العلوي ؛ في طريقنا تذكرت ذلك الوجه جيدا إنها تشبه السيدة جميلة وحين مررت علي صورتها المعلقة بالردهة تيقنت من ذلك .
كنت أمضي ورائها مسلوبة الإرادة وكأنني لا أملك أمر نفسي ، وصلنا إلي تلك الغرفة المغلقة ؛ كانت تخص السيدة جميلة قبل رحيلها فتحت الباب وأومأت لي برأسها بالدخول ففعلت
اقتربت من أحد الأدراج وأشارت اليه بيدها ثم لم تعقب وانصرفت ،حاولت تتبع أثرها ولكنني لم أستطع ذلك .. خارت قواي كليا وكأنما كانت معلقة بوجودها .
ألقيت بنفسي علي أرض الغرفة وتنفست الصعداء ورحت في سُبات عميق حتي الصباح .
استيقظت باكرا فكان أول ما ورد بخاطري ما رأيته بالامس ، كان قلبي يخفق بشدة وتوجهت إلي الأدراج أمامي لأبحث عن شيئ ما قادتني إليه زائرة الليلة الماضية .
كانت الأدراج كلها مملوءة بأغراض تخص السيدة جميلة ، لم أجد شيئا لافتا أو استثنائيا ؛فكرت قليلا قبل أن أُخرج الأدراج جميعها وأبحث عن شئ دس خلفها ، وصدق حدثي فقد ارتطمت يدي بشئ ما .. إنها مفكرة كتب في أول صفحاتها : الْيَوْمَ أبدأ تدوين حكايتي في ذلك المنزل اللعين .
كانت زائرة الامس – السيدة جميلة – ترشدني إلي مكان مذكراتها

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا