الطب النفسي وتلك الثقافة المرفوضة
بقلم : داليا نبيل
قال تعالى في سورة “البلد” “لَقد خَلْقنا الإنسانَ في كَبَد” ، فبصورة شمولية يتعرض جميع البشر عبر سنوات حياتهم لعديد من الضغوطات، ويمرون بكثير من الأزمات التي تعصف بالسلام الداخلي لديهم وتبعا لهذا فهي قد تُخلف في نفوسهم ما يُسمى بالاضطرابات النفسية، تلك الاضطرابات هي ما تجعلنا نلوذ بالعزلة أحيانا، وفي أحيانٍ أخرى نضطر إلى توسيع الدائرة واللجوء إلى المحيطين ممن يستطيعون أن يفهموا شعور المرء وهو يتحدث إليهم، وفي أحيانٍ ثالثة يتحتم على المرء أن يشارك شخصاً متخصصاً ويستجدي منه النصيحة فهو يشعر أنه بحاجة للجوء إلى طبيب نفسي.
للمزيد من المقالات أضغط هنا
ما هو الطب النفسي؟
الطب النفسي هو فرع من فروع الطب ولا يقل أهمية عن الفروع الأخرى، فهو طب متخصص في دراسة الاضطرابات النفسية والعقلية التي تحدث للإنسان ويقوم على تحليل سلوكه وإدراكه وطريقة تفكيره، ولا يجوز تهميش دور الطب النفسي أو القيام بعملية إحلال واستبداله ببديل آخر.
متى نرى ملجأنا في الطب النفسي؟
هناك العديد من الدلالات والإشارات التي إن وُجدت وجب الذهاب على الفور إلى طبيب نفسي، منها عدم الشعور بالسعادة رغم وجود العديد من مسبباتها، واضطرابات النوم المتكررة والمتنوعة أشكالها، والعصبية غير المبررة بصورة مفرطة، والرغبة الملحة في الموت والشعور بالحزن الشديد أو الفرح الشديد علي حد سواء دون سبب واضح، ومنها أيضا انعدام الرغبة في تناول الطعام أو الإفراط في تناوله، والتوق إلى اعتزال الناس وعدم الاختلاط بهم.
تلك الدلالات السابق ذكرها بمثابة دق ناقوس الخطر وعند ملاحظتها فاعلم أنك بحاجة إلى زيارة عاجلة إلى الطبيب النفسي، وهنا وجب الإشارة إلى تعديل مفهوم صغير فأنت لم تصبح مريضا نفسيا بمجرد ذهابك إلى هذا الطبيب بل إنك تمر باضطرابات نفسية فحسب وتحتاج إلى فك شيفراتها من قِبل المتخصصين.
المجتع والطب النفسي:
ولكن هناك رأي آخر للمجتمع الذي نحيا في كنفه المهيمنة أفكاره والمحفورة أساساته في أرضه، ومن هذه الأساسات الهشة هي توجه محدود الفِكر ومتعصب الرأي نحو فكرة وجودية الحاجة إلى الطبيب النفسي
فتنقض بذلك البناية على رؤوسنا، حيث آخر ما يفكر به المرء هو القيام بتلك الخطوة ظنا منه أن هناك ما يعيبه إذا ما لجأ إلى الطب النفسي، فهو يُفضل أن يُلقي بنفسه إلى الهاوية بكامل إرادته مُتبعا تلك الأفكار على أن يشعر أنه بحاجة إلى الاستعانة بالطب النفسي، فنجد على إثر ذلك أن عيادات الأطباء في المجالات الأخري مكتظة بالمرضى وعلى النقيض تماما في عيادات الأطباء النفسيين فهي خاوية
ولكن ما الغريب في الأمر؟ فالمرض العضوي هو شيء محسوس ملموس مادي تُرى آلامه وتظهر علاماته على وجه المريض، وإنما المرض النفسي يأكل المرء في صمت فدعه ينتهي إذا في صمت وكفى لا يهم نحن في الأصل غير عابئين بما لا يُرى، بئست تلك الأفكار فلا يعلم الكثيرون أن المرض النفسي بوابة تفتح مصراعيها نحو شتى الأمراض العضوية.