أمام المرآة

235

بقلم نانسي طه

وقفت أمام المرآة
وفكت ربطة شعرها الطويل وجعلته ينسدل على ظهرها وكتفيها كسجادة تربعت عرش المكان
أخذت تتأمل ملامح وجهها بتمعن
شفتيها أصبحت وردية اللون وتميل للحمرة
عينيها تملؤهما سعادة عارمة
وجهها مشرق وتنبعث منه بهجة الحياة
إبتسمت إبتسامة ساحرة ثم حركت شعرها المنسدل من على كتفيها وأخذت تلامس كامل جسدها بيديها الناعمتان
رفعت حمالة قميص النوم الذي ترتديه
وأنزلته من على كتفها إلا أن تساقط أرضاً
أصبحت عارية الجسد كما ولدت
قالت بسم الله الرحمن الرحيم لتحجب رؤية الشياطين لجسدها
نظرت إلى المرآة بدهشة
شكل جسدها قد تغير تماماً!
يديها وقدميها إمتلأتان قليلاً
بطنها كبرت
جسدها أصبح أكثر أنوثة
أخذ شكلاً آخر
وضعت يديها على بطنها وبدأت تحركها بحركات دائرية منتظمة
وكانت ساكنة فقط تشاهد منظر الدموع وهي تتساقط من عينيها كينبوع ماء جاري
شعرت بتلك الحركة
أحست بذلك الصوت
إنه الطفل الذي إنتظرته طوال حياتها
ذلك الكائن اللطيف الذي سيملئ حياتها هي وزوجها
يا الهي!
ما أجمله من شعور
أخذت تراجع ذكرياتها الجميلة وهي تحرك يديها على بطنها بلمسات خفيفة
تذكرت يوم زواجها
تذكرت كل ماحدث في تلك الليلة
تذكرت يوم معرفتها أنها حامل
وكم كانت لحظة في غاية السعادة
تذكرت ملامح زوجها وأخذت تراجع ملامحها
وتخيلت ملامح ذلك الطفل المنتظر
كانت سعيدة ..بل في غاية السعادة
فهي لم تتمنى أكثر مما هي فيه الآن
ذلك الزوج الذي لطالما أحبته طوال حياتها
وشعرت بحتوائه لها بما أنه يكبرها ببضع سنوات
ذلك الزوج الذي يدللها ليلاً نهاراً
ذلك الزوج الذي يتغاضى عن بعض حماقتها
ذلك الزوج الذي يحبها كما هي دون أدنى تغيير
ذلك هو الرجل الذي تمنته بصدق المشاعر
إنه يغنيها عن العالم بأسره
هو الحياة بالنسبة لها
بيتها الرائع المزخرف بجميع الكماليات حسب ذوق كليهما
إنه هو تلك الجنة التي تمنت العيش فيها طوال الحياة
ماعساها أن تتمنى أكثر من هذا وكل شئ تحقق لها
إنها الآن تنظر في المرآة
وتتأمل بطنها التي تحمل فرحة جديدة
وتحمد الله على كل هذه النعم
كم تمنت لحظتها أن يكون زوجها بجانبها ويضع يديه على بطنها ليتحسس حركة الطفل
مرت لحظات زمنية وتحقق ما تمنت
زوجها أتى
يقف خلفها أمام المرآة
يداعبها بلطف
ويهمس في أذنيها بصوت خفيف
أحبك يا زوجتي
يا أم طفلي
يا أجمل ما رزقني به الله
حركت عنقها لأنها تغار
فلقد أثارها بهمساته ولمساته
إستدارت نحوه
لف يديه حول خصرها المرسوم وجذبها نحوه ببطئ ثم
إحتضنها برفق وقبلها على جبينها
ثم نزل على الأرض وأستند على ركبتيه وقبل يديها قبلتين
ثم أخذ يلامس بطنها بهدوء ويشعر بحركة الطفل ثم وضع أذنه وأخذ يستمع إلى صوت نبضات قلبه
كان يضحك ويبكي في نفس الوقت
إنها السعادة الحقيقية
زوجة مثالية يعشقها تحمل طفلهما
عاود الوقوف قم إحتضنها مرة أخرى وقال لها
أحبك
رددت بصوت رقيق وأنا أعشقك
ثم ضحكت وقالت له يا إلهي
إننا ما زلنا نقف أمام المرآة كل هذا الوقت!

رابط مختصر: https://roayatwatneg.com/c4le
قد يعجبك ايضآ