مقالاتتقارير وتحقيقات

أمة السلام والرحمة والتسامح

داليا زايد 

لطالما كان ديننا مضيافًا للإختلاف .. متسامح تجاهه ، لا لتعبيرعن عدم قوته وقدرته، وإنما لتعبير كم كونه دين قوي لم يكن لينشر حدوده وتعاليمه بحد السيف .

الحكم الإلهية «دع أذاهم» و«اصبر على ما يقولون» و«إنا كفيناك المستهزئين» هي أصل الرحمة والتسامح في ديننا الحنيف … دين الدعوة للتسامح والمحبة والرحمة…دين الدعوة إلى حسن السلوك والخلق.

رسول الإسلام ومنبر السلام.

“التسامح” هو لغة تعاملنا مع التنوع الثقافي، ومعيار لمدي قدرتنا علي التعايش مع الفكرة وتقبلها .
نؤمن بالتنوع والتعددية التي تعتبر من سنن الكون وينبع تسامحنا من إحتضان الاختلاف والتكيف والتعايش معه بروح ديننا وتعاليمه السمحة ؛ أملا أن نكون مروجين نافعين لديننا وناقلين للثقافة الإسلامية بمختلف اللغات لمختلف الثقافات ؛ أن نكون عنصر تشجيع لا معول هدم وتخريب .

هذه هي المفاهيم السمحة التي فيها نشعر بقيمتنا ونفخر بها حتما عندما ننظر بعين البصيرة بين الثقافات المتعددة التي غالبًا ما يكونون متعصبين بشدة بشأن الاختلاف بين الثقافات والشرائع .. كذباً يعتبرون أنفسهم قدوة للديمقراطية والحرية .

الرحمة والمحبة والتسامح عنوانين إتصفت بها الأمة الإسلامية .. ففيما تجادلوننا؟
الرحمة والمحبة والتسامح عنوانين إتصفت بها الأمة الإسلامية .. ففيما تجادلوننا؟

وأعتقد أن الوقت قد حان لمراجعة الدول الغربية لمناهجنا الدينية ، التي تستند إلى القيم الراسخة الأصيلة، والتي تزرع في العقول الناشئة أننا أمة رحمة وتسامح، وتكرّس الجوانب الإنسانية التي تحمي المجتمعات من الإنزلاق نحو التطرف.

نعلم جيداً أن مناهجنا محل دراسة وبحث لديهم ؛ولكنها أيضا محل تجاهل للكثيرين منهم أيضاً.

يؤمن معظمنا بأن الغرب يمثل حرية الضمير والديمقراطية. وهذا صحيح من الناحية النظرية ؛ لكن ماذا عن الممارسة؟

هل اعتبروا غير البيض وغير الأوروبيين متساوين ولهم الحق في المساواة والحرية؟ التاريخ يقول لنا لا. كان التفوق الأبيض دائمًا افتراضًا أساسيًا وكان السود (المعروفون الآن باسم الأمريكيين من أصل أفريقي) دائمًا ما يتعرضون للتمييز.

الرحمة والمحبة والتسامح عنوانين إتصفت بها الأمة الإسلامية .. ففيما تجادلوننا؟
الرحمة والمحبة والتسامح عنوانين إتصفت بها الأمة الإسلامية .. ففيما تجادلوننا؟

في معظم الدول الغربية تتزايد أعداد الأقليات الإسلامية ، أصبح الخوف والاستياء من المهاجرين المسلمين ودينهم أكثر حدة وانتشارًا. شراسة لاعقلانية فرنسية تجاه المحجبات .
شراسة ترصدها كاميرات مراقبتهم في مختلف الشوارع والأماكن ؛ سلوك عدواني اتجاه المسلمين والمحجبات بصفة خاصة ؛ حقا سلوكيات لا يتقبلها أي شريعة أيا كانت ماهيتها.

صوت العقل في التعصب المتزايد في العالم الغربي تجاه المسلمين بشكل خاص والثقافات والشرائع غير الغربية بشكل عام؛ هو أن نؤكد لهم مرة أخرى هنا أن التنوع في الشرائع هو سنة الله في الأرض نؤمن بها ونتكيف معها ولكن الإختبارالحقيقي لنا يأتي حقًا في الممارسة الصحيحة لتعاليم الدين وردود أفعالنا نحو المواقف والأشياء.

إن الحظر الذي تفرضه الحكومة الفرنسية على الحجاب في فرنسا هو مثال حي على هذا التعصب تجاه الشرائع والثقافات غير الغربية.

  • السؤال الأساسي هنا هو أين حق الفرد واختياره؟
    ولماذا يحظروه صراحة؟
    ولماذا يسيئون إلي رموز قدسيتنا ؟
    الرحمة والمحبة والتسامح عنوانين إتصفت بها الأمة الإسلامية .. ففيما تجادلوننا؟
    الرحمة والمحبة والتسامح عنوانين إتصفت بها الأمة الإسلامية .. ففيما تجادلوننا؟

دعونا نوضح لهم ما هو الدين الإسلامي وما هي قيمه الحميدة .. كل ما سنفعله هو إحداث مقارنة بسيطة بين ما يفعلوه وما ويفرضوه وبين ما يدعي إليه ديننا الكريم ؛ فبالضد والمقارنة تفهم الأشياء وتدرك جوهرها ؛ بالضد تتضح الرؤية ، بالضد تمنح لعقلك البشري إحداث المقارنة ومساعدته علي حق الاختيار؛ وبالضد أيضا نعرف قيمة الأشياء التي نملكها ولا نعرف قيمتها .

 

تمثل الرحمة الروح الحقيقية للإسلام ، وتعتبر الرأفة أكثر أهمية في التعاليم الإسلامية من أي شيء آخر. آيات معينة في القرآن الكريم تم التأكيد عليها بشكل كبير ، منها أربع كلمات تم تكرارها في كثير من الأحيان (الرحمة ، والإحسان ، والعدل ، والحكمة).

يكمن مبدأ الرحمة في قلب كل التقاليد الدينية والأخلاقية والروحية ، ويدعونا دائمًا إلى التعامل مع الآخرين كما نتمنى أن نعامل أنفسنا. تدفعنا الشفقة إلى العمل بلا كلل لتخفيف معاناة بعضنا البعض ، ولإخراج أنفسنا من مركز عالمنا ووضع آخر هناك ، واحترام حرمة كل إنسان ، ومعاملة الجميع ، دون استثناء ، بالعدالة المطلقة والإنصاف والاحترام.

الرحمة والمحبة والتسامح عنوانين إتصفت بها الأمة الإسلامية .. ففيما تجادلوننا؟
الرحمة والمحبة والتسامح عنوانين إتصفت بها الأمة الإسلامية .. ففيما تجادلوننا؟

إحداث الألم أو التصرف بعنف بدافع الحقد أو المصلحة الذاتية لإفقار أي شخص أو استغلاله أو إنكاره للحقوق الأساسية ، والتحريض على الكراهية من خلال تشويه سمعة الآخرين – حتى أعدائنا – هو إنكار لإنسانيتنا المشتركة.

آيات بينات أرتنا إحسان الله تعالي إلي جميع خلقه.. وسنة رسوله الكريم التي تدعو إلى الرحمة . دين علمنا أن نقدر لطف الله الغامر بنا ، ألهمنا نحن المسلمون بأن نهبوه بلطف إلى جميع مخلوقات الله وأن نغطي أنفسنا بفضائل الرحمة وخاصة علي الضعفاء.

كل تلاوة للقرآن الكريم تبدأ بالدعاء إلى الله الرحمن الرحيم ، فالرسالة الأساسية للقرآن الكريم هي دعوة إلى الرحمة لبناء مجتمع عادل وكريم ، حيث يعامل الجميع بإحترام ، منذ بداية رسالة الرسول الكريم ، جعلت الزكاة على الفقراء جزءًا أساسيًا من حياة المسلمين.

أيات قرأنية واحاديث نبوية شريفة خرجت علي لسان أشرف الخلق سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم كلها في صميمها تدعو الي الرحمة والمحبة والتسامح…..تدعو الي التجلي الحقيقي لمسميات المعاني الإنسانية التي يجب على المرء أن يعتنقها.

قال تعالي «ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ»

وقوله : ( وجادلهم بالتي هي أحسن ) أي : من احتاج منهم إلى مناظرة وجدال ، فليكن بالوجه الحسن برفق ولين وحسن خطاب .

كما قال تعالي في سورة [ العنكبوت : 46 ]: ( ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم ) فأمره تعالى بلين الجانب ورفق الحديث.

كما أمر موسى وهارون – عليهما السلام – حين بعثهما إلى فرعون فقال تعالي في سورة [ طه : 44 ]: ( فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى ) .

وقوله تعالي : ( إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين ) أي : قد علم الشقي منهم والسعيد ، وكتب ذلك عنده وفرغ منه ، فادعهم إلى الله ، ولا تذهب نفسك على من ضل منهم حسرات ، فإنه ليس عليك هداهم إنما أنت نذير ، عليك البلاغ ، وعلينا الحساب .

وقوله تعالي في سورة [ القصص : 56 ]( إنك لا تهدي من أحببت ) و ( ليس عليك هداهم ) [ البقرة : 272 ] .

وأما قوله تعالي : ” ولو كنت فظًّا غليظ القلب لانفضوا من حولك “، فإنه يعني بـ” الفظ ” الجافي، وبـ” الغليظ القلب “، القاسي القلب، غير ذي رحمة ولا رأفة. وكذلك كانت صفته صلى الله عليه وسلم، كما وصفه الله به: بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [سورة التوبة: 128].

وقوله تعالي : ( ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) يقول تعالى لنبيّه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: ادفع يا محمد بحلمك جهل من جهل عليك, وبعفوك عمن أساء إليك إساءة المسيء, ادفع بصبرك عليهم …مكروه ما تجد منهم, وما تلقاه من قِبلهم.

أمر الله المؤمنين بالصبر عند الغضب, والحلم والعفو عند الإساءة, فإذا فعلوا ذلك عصمهم الله من الشيطان, وخضع لهم عدوُّهم, كأنه وليّ حميم؛ كما قال في كتابه العزيز: ( فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ).

وعن أبي هريرة قال : قال صلى الله عليه و سلم : (( لا تحاسَدوا ، ولا تَناجَشوا ، ولا تباغَضوا ، ولا تدابروا ، ولا يبِعْ بعضُكُم علَى بيعِ بعضٍ ، وَكونوا عبادَ اللَّهِ إخوانًا المسلمُ أخو المسلمِ ، لا يظلِمُهُ ولا يخذلُهُ ، ولا يحقِرُهُ التَّقوَى ههُنا ويشيرُ إلى صدرِهِ ثلاثَ مرَّاتٍ بحسبِ امرئٍ منَ الشَّرِّ أن يحقِرَ أخاهُ المُسلمَ ، كلُّ المسلمِ علَى المسلمِ حرامٌ ، دمُهُ ، ومالُهُ ، وَعِرْضُهُ)).

عن النعمان بن بشير قال: قال صلى الله عليه و سلم : ((مَثلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحُمِهم وتعاطُفِهم ، مَثلُ الجسدِ إذا اشتكَى منه عضوٌ ، تداعَى له سائرُ الجسدِ بالسَّهرِ والحُمَّى)).

عن جرير بن عبدالله قال: قال صلى الله عليه و سلم : ((من لا يَرْحَمْ لا يُرْحَمْ ، و من لا يَغفِرْ لا يُغْفَرْ له ))

عن أنس بن مالك قال: قال صلى الله عليه و سلم : (( لا يُؤمِنُ أحدُكم حتى يُحِبَّ لأخيه ما يُحِبُّ لنَفْسِه)).

عن ابن عمر قال: قال صلى الله عليه و سلم : (( أَفشوا السَّلامَ ، و أطعِمُوا الطعامَ ، و كونوا إخوانًا كما أمرَكُم اللهُ)).

عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: ((أتدرون ما المفلِسُ ؟ قالوا : المفلِسُ فينا من لا درهمَ له ولا متاعَ . فقال : إنَّ المفلسَ من أمَّتي ، يأتي يومَ القيامةِ بصلاةٍ وصيامٍ وزكاةٍ ، ويأتي قد شتم هذا ، وقذف هذا ، وأكل مالَ هذا ، وسفك دمَ هذا ، وضرب هذا . فيُعطَى هذا من حسناتِه وهذا من حسناتِه . فإن فَنِيَتْ حسناتُه ، قبل أن يقضيَ ما عليه ، أخذ من خطاياهم فطُرِحت عليه . ثمَّ طُرِح في النَّارِ)).

هذا هو ديننا الحنيف وتعاليمه السمحة الذي ما دعي يوما الي ظلم أو عدوان أو إيذاء .. دين دعانا الي رفق الكلام والحديث قبل الأفعال .. دعي إلي الرحمة والمحبة والتسامح
ولم يختص برحمته علي المسلمين فقط وإنما خصها للبشرية عامة .. ففيما تجادلوننا في ديننا ؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا