مقالات

التحديات والفرص للتعليم عن بُعد

التحديات والفرص للتعليم عن بُعد

 

كتبت-كريمة عبد الوهاب

يعرف التعليم عن بعد بأنه عبارة عن مجموعة من العمليات الإجرائية التي تقوم بنقل المعرفة إلى المتعلم في موقع إقامته وعمله بدلاً من حضوره شخصياً في المؤسسة التعليمية ويخضع هذا النوع من التعليم إلى التخطيط والتوجيه والتنظيم من قِبل المؤسسات التعليمية كما أنه يعتبر ضرورة حتمية فرضتها تداعيات الحاضر وتطلعات المستقبل وبموازاة اختلاف نسب النجاح في التعليم عن بُعد باختلاف البلدان، تسعى الكثير من الجهات المعنية على المستويات الوطنية والعالمية إلى تفحص هذه التجربة على ضوء ما تشهده منذ نحو سنة، وذلك لاستكشاف تحدياتها وتطويرها حيثما تستوجب التطوير.

 

تحدِّيات يجب مواجهتها

يعتبر الطريق نحو التعليم عن بُعد ليس مفروشاً بالورود، أو مُيسَّراً لتحقيق آمال وطموحات كافة الدول، خاصةً الفقيرة تقنياً واقتصادياً، وقد جاء في تقرير لليونيسيف أن نحو ثُلثي أطفال العالم، من الفئة العمرية التي تتراوح بين 3 و7 سنوات ما زالوا محرومين من خدمة الربط بالإنترنت في المنزل، وأن نحو %58 ممن هم في سِن الدراسة، وينتمون إلى أُسر غنية، أو ميسورة الحال، لديهم الإمكانية للوصول إلى الإنترنت من المنزل، مقارنة بــ %16 في الأُسر الفقيرة.

 

ولا يسري هذا التفاوت فقط على الأُسر، وإنما أيضاً على البلدان التي تتباين فيها مستويات الدخل بشكل كبير إذ يتوافر الربط بالإنترنت المنزلي لأقل من 1 من بين كُل 20 طفلاً في سِن الدراسة في البلدان منخفضة الدَخل، مُقارنة بـ 9 من كل 10 أطفال في البلدان المرتفعة الدخل كما أن مُعظم أطفال المدارس الذين حُرموا من مواصلة تعليمهم عن بُعد كانوا من جنوب آسيا وإفريقيا إذ لا يملك 9 من كل 10 منهم ربطاً موثوقاً بالإنترنت.

 

 

 

ولا يعتبر التفاوت الكبير في توفير الإنترنت هو التحدي الأوحد، إذ يُضاف إليه أن نسبة كبيرة من المتعلِّمين خاصةً في البلدان النامية، فهم ما زالوا بحاجة إلى تعليم مهارات أساسية تتعلق بالرقمنة، والتعامل مع أدوات التعليم عن بُعد، وذلك لتحقيق الاستفادة المرجوة منه كما أن كثيراً منهم ينظرون بريبة إلى جدوى هذا التعليم، ويعتبرون التعليم وجهاً لوجه هو التعليم الأفضل بالنسبة لهم، ويُشاركهم في ذلك أولياء أمورهم.

 

كما أن طائفة كبيرة من المُعلِّمين حول العالم لم يكونوا جاهزين لخوض تجربة التعليم عن بُعد، وقد جاءت الجائحة لتزيد من ارتباكهم، وذلك لقِلَّة خبرتهم في التعامل مع التقنيات التي تسمح بإدارة عملية التعليم عن بُعد، أو صناعة مُحتوى تعليمي ملائم.

 

آفاق المستقبل

يمضي قطار التعليم عن بُعد سريعاً ليدفع بقوة نحو نُظم تعليمية جديدة، لكي تستفيد من معطيات تقنيات العصر وإذا كان للجائحة تداعيات ومساوئ طالت كافة مجالات الحياة، بما في ذلك المجال التعليمي، والذي تضرر كثيراً بسببها، فإنها كانت دافعاً رئيسياً لكثير من الدول لكي تعيد النظر في منظوماتها التعليمية، والوقوف على أوجه القصور فيها، والعمل على تطويرها.

 

ويحمل المستقبل المنظور في جعبته مزيداً من الانفتاح الدولي على نظم التعليم عن بُعد، سواء النظم المُتزامنة، أو غير المتزامنة، وخو ما يظهر من تطبيقات وأدوات تعليمية رقمية يؤكِّد ذلك فلقد كان التوجُّه نحو التعليم عن بُعد، مطلباً استراتيجياً لكثير من الدول حتى قبل تفشي الجائحة، وبعد أن أثبت أنه الحل الأمثل، الذي يُمكن الاعتماد عليه وقت الشدائد والأزمات

 

حيث بدأت دول كثيرة ممن فاتها قطار التعليم عن بُعد، بوضع العديد من الخطط والاستراتيجيات للحاق بركب التقدُّم التعليمي، الذي صار يُعوِّل على الجانب التقني بشكل كبير، كما اعتمد البنك الدولي وغيره من الجهات الدولية المانحة مؤخراً على مساعدات عاجلة للدول الأشد احتياجاً، من أجل تطوير تعليمها والاستفادة من تجارب الدول الرائدة، والسعي لتحقيق الهدف الرابع، من أهداف التنمية المُستدامة 2030م.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا