تقارير وتحقيقات

متلازمة الشلة الإدارية والفساد الإداري وتأثيراتهما المؤسسية

 

طالب غلوم طالب

مستشار إداري داخلي غير مقيم  في مركز الإمارات للمعرفة والاستشارات

 

عندما نتحدث عن الشلة فإننا نتحدث عن مجموعة من الموظفين في بيئة العمل تجمعهم المصلحة المشتركة لتحقيقها بأي وسيلة من الوسائل حتى لو كانت غير مشروعة أي أن هذه الشلة الإدارية تتقاطع وتتلاقى مع الفساد الإداري في نقاط كثيرة فإن وجدت الشلة الوظيفية الإدارية وجد الفساد الإداري والمالي ، ويتوارى خلف كل فساد إداري شلة وظيفية تخلق بيئة عمل طاردة وقاتلة للكفاءات

فما تعانيه بعض المنظمات والمؤسسات من مشكلات إدارية متعددة تتجلى في (التعسف الإداري والتهميش والإقصاء للكفاءات وقتل الموهبة والابتكار) هي نتاج وجود شلة وظيفية ظالمة داخلها .

فهذه الشللية الإدارية تمثل مصدر لتفشي ظاهرات إدارية وبائية مثل : المجاملات والسكوت عن الحق علي حساب مصلحة العمل والصالح العام، والمحسوبية والوساطة والنفعية بأقبح صورها لتلخص كل معاني الفساد الإداري والأوبئة الإدارية الأخرى

فالقرارات الضعيفة والإدارة المفككة تنتشر في المنظمة التي لا تطمح إلى التطوير والتعليم والتحسين فتجد المديرين والمسؤولين يبدون مصلحتهم الشخصية على مصلحة المنظمة .

والشلة الإدارية هنا هي عبارة عن تنظيم غير رسمي أو هيكل إداري مواز داخل المنظمة ، ويتكون من مجموعة من العلاقات المتشابكة بين مجموعة محددة من الموظفين .. تلك العلاقات يمكنها إحداث تباينات في أساليب وممارسات العمل الإداري، وتؤثر سلباً على الثقافة المؤسسية حيث تعتبر متلازمة الشلة الإدارية ثقافة فرعية خطيرة مضادة للثقافة الرسمية للمؤسسة وتمثل تهديدا خطيرا ومباشرا لثقافة المؤسسة، لأن الثقافات الفرعية التي تنشأ عن هذه المتلازمة تهدف إلى تعطيل العمل وإفشال الأداء المؤسسي وإفشاء الفوضى تعمدا في المنظمة دون الالتزام بالقانون أو النظام العام أو اخلاقيات الوظيفة العامة ، وتستبعد كل ما يهدد مصالحها سواء أكان هذا تغييرا في الإجراءات أو السياسات أو استخدام التقنيات الحديثة.

وهو ما يؤدي إلى حدوث تباين في الأداء الإداري على مستوى الوحدات التنظيمية وبما ينعكس على ضعف الأداء الوظيفي نتيجة استحواذ تلك الشلة الوظيفية المدمرة على المزايا والصلاحيات والتي يسبغها المديرالعام الضعيف عليهم دوما ، ومن ثم فإن الموظفين الذين هم خارج دائرة تلك الشلة المكرمة …!! لا يتمتعون بالمزايا والمكافآت والصلاحيات التي يحصل عليها زملاؤهم ما يؤدي إلى ضعف الانتماء الوظيفي وضعف مستويات الشعور بالأمن والاستقرار الوظيفي وتدني مستوى السعادة الوظيفية .

وتنتشر متلازمة الشلة الإدارية في المنظمات الكبيرة والصغيرة على حد سواء ، وترصد بسهولة في المنظمات الصغيرة من حيث عدد موظفيها ، ويكون العامل الأساسي في تكوُّن مثل تلك (الشلَّة) هو عدم تخصُص المدير بالدرجة الأولى وضعف مهاراته الإدارية والفنية والسلوكية .فيحيط نفسه بالمقربين من أهل الولاء غير المتخصصين في مجالاتهم أيضاً وهم دوما من ضعافي الكفاءات والمهارات ، و يعتمدون أساليب خبيثة لضمان بقائهم في وظائفهم من خلال الوشايات الكاذبة والافتراءات، والذين يتصفون بصفة الإذعان وقول كلمة : نعم باستمرار ، ويحاولون دوما خلق ثغرات وأكاذيب لمحاربة من يعارضهم ، كما يعتمد المدير على أساليب وضيعة هو و«شلته» في سبيل الحفاظ على منصبه حتى لو كان الأمر مخالفا لصحيح القانون …..!!!

وأما عن تأثيرات هذه المتلازمة – الشلة الوظيفية – نجد على المستوى الشخصي للموظف النزيه أنه من الصعب عليه أن يجرّ إلى حرب وصراع داخل بيئة العمل بلا معنى ليجد خصومه يحاربونه بالإنابة عن المدير العام – المحرض الأول – .. فهي حرب بلا شرف وخصومة بلا مبدأ وبلا غاية .. حرب غير شرعية ، ليجد نفسه في مفترق طرق إما انتصار مؤلم أو هزيمة كسيرة لطموحاته ،فينسحب في هدوء ولا يشارك في العمل سوى تنفيذ ما هو مطلوب منه فقط دون ابتكار أو إبداع ويحوله ذلك إلى شخص لا يرى ولا يسمع ولا يتكلم ، أو يخوض تلك المعركة بشراسة وشرف إلى أن يحصل على حقوقه القانونية في ساحات اللجان والمحاكم ، كما أن هذه الحرب لها انعكاسات سلبية تضر بمصلحة العمل وسمعة المنظمة ، وتحيل المنظمات إلى ساحة لمعارك شخصية ومصالح خاصة تؤدي إلى اختفاء العمل الجماعي، والعلاقة التكاملية.

وتحت تأثير متلازمة الشلة الإدارية تتغير المواقف والآراء والقرارات الإدارية دون أسباب موضوعية، كما تختفي المشاركة الجماعية، وتتأثر فرق العمل في قراراتها بعلاقة المصالح المتبادلة حيث تتحول العلاقة بين الوحدات التنظيمية داخل المنظمة إلى شبكة تكتلات وشللية مقيتة ، ويسودها حرباً باردة تتمثل في صراع على الاختصاصات، والمزايا، والموظفين، والمناصب .

وظهور متلازمة الشلة الإدارية في أي منظمة يحوّل الموظف المخلص إلى منسحب، والموظف المبادر إلى شخص سلبي، وهي بمثابة أداة من أدوات الفساد الإداري، وإحدى مسببات الآفات الإدارية كالبيروقراطية، وسوء استغلال السلطة، وعدم تطبيق مبادئ الحوكمة، كما أنه لا يتم التعامل معها قانونياً وإدارياً على أنها تعتبر ضمن مؤشرات الفساد الإداري لأنها تحجم نجاحات الآخرين وتحد من تحقيق أهدافهم والمفارقة المؤلمة هنا : وعندما لا تستطيع الشكوى أو التظلم حماية حقوق الموظفين ، قد يتسبب في ضرر أكبر على الموظف ، وعندما يصبح الموظف المسئول عن حماية حقوق الموظفين ، هو أول من ينتهك حقوقهم ويتلاعب بمستقبلهم المهني ، فيجب التوقف وتسليط الضوء على هذه السلوكيات ،حتي يتم تحسين الأوضاع في هذه المنظمات لذا سعت بعض قوانين الموارد البشرية مثل : قانون إدارة الموارد البشرية لحكومة دبي الذي فعل حسنا في التشديد على المحافظة على الموظف المواطن ذو الكفاءة ومنحه الأولوية في تولي المهام والوظائف الحكومية وترأس اللجان والفرق قبل الموظف غير المواطن وشدد القانون على المحافظة على الحالة النفسية للموظفين وتوفير بيئة عمل محفزة ، وسعيدة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا