مقالات

فتنة الرَّجَّال أشد من فتنة مسيلمة الكذاب

بقلم : ممدوح الحوتي

أعزائي القراء الكرام. طبتم وطاب مسعاكم أهلا بكم في موضوع اليوم نتحدث فيه عن درس هام. قد يغفله الكثير منا.

فقد تقضي حياتك كلها في معصية وجحود ونكران وتلذذ في شهوات الدنيا ووالى آخر هذه المعاصي والذنوب ولكن تختم حياتك بتوبة صادقة فيهيئ الله لك عملا صالحا تداوم عليه بصدق ويقين وإخلاص. فيوفقك الله له ويكون سببا لدخولك الجنة.

والعكس صحيح أيضا. فقد تمضي عمرك في فعل الطاعات بأنواعها المختلفة من صيام وبر وإحسان وزكاة وصيام ووووو ثم تنهي حياتك بعمل قبيح أو ذنب شنيع فتضيع كل ما أسلفت  فيختم الله عليك بهذا الذنب فتكون سببا في دخولك النار.

فاحذروا أعزائي القراء من الوقوع في شراك هذا الفخ. وتب إلى الله التوبة الصادقة واحرص على عمل يقربك إلى الله فيختم لك به ختاما طيبا. يكون سببا في دخولك الجنة.

ولكي ندلل على هذا الكلام سأذكركم بواقعة حدثت في عهد رسول الله وتنبأ بها رسولنا ﷺ وتحققت من بعده فعلا.  فهيا نرى ما حدث…

فتنة الرجال أشد من فتنة مسيلمة الكذاب
فتنة الرجال أشد من فتنة مسيلمة الكذاب

للمزيد من المقالات اضغط هنا

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ مر عليه يومًا وهو جالس في رهط “جماعة “من القوم فَقَالَ ﷺ :

“إِنَّ فِيكُمْ لَرَجُلًا ضَرْسُهُ فِي النَّارِ أَعْظَمُ مِنْ أُحُدٍ”.

كان إخبارًا من رسول الله ﷺ أن واحدًا منهم سيكون من أهل النار، ويا له من إخبار من الصادق المصدوق ﷺ، فقد حقّــت النار على أحدهم !.

فمات القوم جُلهم على خير، وعلى الإسلام والايمان، ولم يبق منهم إلا أبا هريرة، و رجلاً من بني حنيفة اسمه : « الرَّجَّال بن عنفوة »، وكان من الذين وفدوا على رسول الله في وفد بني حنيفة، وكانوا بضعة عشر رجلا فأسلموا، فلزم  الرَّجَّالُ بن عنفوة النبيَّ ، وتعلم منه، وحفظ القرآن و الأحكام، وجدّ في العبادة.

يقول رافع بن خديج : كان بالرَّجَّالِ من الخشوع ولزوم قراءة القرآن والخير شيء عجيب..

وقال عنه ابن عمر : كان من أفضل الوفد عندنا.

يا سبحان الله !! كان حافظاً قوّاماً صوّاماً..

ظل إخبارُ النبي عالقًا برأس أبي هريرة رضي الله عنه، وكلما رأى “الرَّجَّال بن عنفوة ” ومداومته على العبادة وزهده، ظن أن أبو هريرة عن نفسه أنه هو الهالك وأنه هو المقصود بحديث النبي، وأنه هو صاحب النبوءة وأصابه الرعب والفزع.

فلما ظهر مُسيلمة الكذاب في اليمامة وادّعى النبوة واتّــبعه خلقٌ من أهل اليمامة !، فبعث أبو بكر الصديق  “الرَّجَّال بن عنفوة ” لأهل اليمامة يدعوهم إلى الله، ويثبّـــتهم على الإسلام، فلما وصل ” الرَّجَّال ” اليمامة التقاه مسيلمة الكذاب، وأكرمه، وأغراه بالمال والذهب، وعرض عليه نصف مُلكه إذا خرج إلى الناس وقال لهم إنه سمع محمداً يقول : إن مسيلمة شريك له في النبوة.

ولما رأى ” الرَّجَّال ” ما فيه  مسيلمة من النعيم – وكان من فقراء العرب، ضعُـــف ونسي إيمانه وصلاته وصيامه وزهده، وخرج إلى الناس الذين كانوا يعرفون أنه من رفقاء النبي ﷺ، فشهد أنه سمع رسول الله يقول : إنه قد أشرك معه مُسيلمة بن حبيب في الأمر.

فكانت فتنة ” الرَّجَّال ” أشد من فتنة  مسيلمة الكذاب، وضل خلقٌ كثير بسببه، واتّـــبعوا مُسيلمة، حتى تعدى جيشه أربعين ألفا.

فجهّــز أبوبكر الصديق جيشاً لحرب مسيلمة فهُـــزِم في بادئ الأمر، فأرسل مدداً، وجعل على رأسه سيف الله خالد بن الوليد.

كان من ضمن الجيش : ” وحشي بن حرب ” الذي قتل أسد الله وسيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه، ثم أسلم و ذهب لرسول الله ﷺ.

ولما ذهب في جيش خالد قرر أن يترصّـد مُسيلمة فيقتل شر خلق الله، تكفيراً عن قتل حمزة عم النبي ، و بدأت معركة لم يعرف العرب مثلها، وكان يوماً شديد الهول، وانكشف المسلمون في البداية مع كثرة عدوهم وكثرة عتاده.

ولولا ثبات أصحاب رسول الله وأهل القرآن الذين نادوا في الناس، فعادوا إليهم و حملوا على جيش مسيلمة حتى زحزحوه و تتبع “وحشي” مُسيلمةَ الكذاب حتى قتله بحصن تحصّــن فيه، وانهزم بنو حنيفة، وقُتل “الرَّجَّال بن عنفوة” مع مَن قُـــتل من أتباع مُسيلمة فمات على الكفر مذموماً مخذولاً !

ولما علم أبوهريرة خرَّ ساجدًا شكرا لله، بعد أن أدرك أخيرًا أنه قد نجا.

حين نتأمَّــل في هذه القصة بهذه الأحداث..نجد دروسا وعبر وعظات لا يكفينا المقال لسردها …فهيا نلقي الضوء على بعضها

هذا الرجل ..الرَّجَّال بن عنفوة … نجد أنه رافق النبي صلى الله عليه وسلم  ولزم العبادة والقرآن والزهد وفعل كل أنواع الخبر والبر والطاعات، ولكنه خُــتم له بشرّ عمل، فضَلَّ وأضل، وأحدث فتنة كبيرة لا تحمد عقباها.،ختم بها حياته  ومات على الكفر.

وعلى الجانب الآخر نجد وحشي بن حرب هذا الرجل  الذي قتل حمزة أسد الله وأسد رسوله، في أشد الأوقات التي كان يحتاجه فيها سيدنا رسول الله، انظر كيف عاش حياة ضلال وكفر ونفاق وفعل كل أنواع المعاصي والموبقات….ولكن هداه الله فخُتم له بخير وصار من خيرة المجاهدين.

إذا ..ما أريد أن أنوه له. أن المثالين موجودين في تلكم القصة ..من عاش حياته على تقوى وورع وإيمان يشهده القاصي والداني ولكن ختم لنفسه بخاتمة تغضب الله ومات عليها…والآخر من عاش حياته على ضلال وفيق وكفر ولكنه ختم حياته بتوبة صادقة وعمل يرضي الله عز وجل فصار من خيرة المجاهدين.

إذا عزيزي القارئ…لا تغتر بعبادتك، ولابصلاتك، ولابصيامك، ولابزكواتك، ولا بصدقاتك ولا تمنن، وادع الله بأن يثبِّــتك، ويـختم لك بخير….أيضا لاتحقرن أحدًا بذنبه أو لذنبه، بل ادع الله أن يتوب عليه. ولا تُظهر الشماتة بأخيك … فيعافيه الله ويبتليك!

فأنت لا تعلم ماذا كُتب في اللوح المحفوظ !فالعبرة بالخواتيم!

وادع ربك دائما بقول: “اللهم يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قُلُوبَنَا على دينك ” نسأل الله الثبات على الدين والحق وأن ينفع بنا وأن يستعملنا ولا يستبدلنا. اللهم آمين 

دمتم في أمان الله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا